• سلوى الصغير، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية خلال حوارها مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس
    سلوى الصغير، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية خلال حوارها مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس

حوار: عبدالرحمن سمير

قالت سلوى الصغير، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية، إن تونس ومصر تربطهما علاقات وطيدة ضاربة في جذور التاريخ وتعززها كثير من الروابط والتعاون الثنائي المشترك بجانب العديد من الزيارات بين مسؤولي البلدين، في ضوء التناغم والمحبة الكبيرة بين الشعبين الشقيقين.

وأضافت وزيرة الصناعة التونسية -في حوار مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس- أن السنوات الماضية شهدت العديد من الاتفاقيات بين البلدين من خلال اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيس الوزراء المصري ونظيره التونسي والتي تحكم الإطار الشامل المنظم للعلاقات بين البلدين.

وأوضحت أن تلك اللجنة تعد بمثابة نقطة انطلاق للتعاون الثنائي الواسع بين البلدين، حيث انعقدت خلال الأعوام الماضية اللجان القطاعية والفنية المشتركة، لاسيما لجنة المتابعة التجارية والصناعية، ولجنة التعاون العلمي والتكنولوجيا، واللجنة الفنية في مجال النفط والغاز، واللجنة السياحية، واللجنة الجمركية، واللجنة القنصلية، ولجنة النقل.

ولفتت إلى تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين خلال السنوات الأخيرة من كافة الوزارات والهيئات والمصالح؛ في ضوء سعي كلا الجانبين إلى الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية عمومًا والصناعية على وجه الخصوص من خلال التعاون لإرساء إجراءات ملائمة بهدف تعزيز فرص الشراكة والتكامل الصناعي وتوفير الدعم والإحاطة للقطاع الخاص في البلدين حتى يتمكنا من تكثيف التعاون الصناعي ورفع المبادلات التجارية.

وحول إمكانية الاستفادة من التوجه المصري نحو السوق الأفريقية، أكدت وزيرة الصناعة التونسية أنه يمكن إبرام اتفاقيات وشراكات تونسية مصرية في العديد من المجالات وليس فقط في مجال الصناعة من أجل الاستفادة من التوجه والموقع الجغرافي والتواجد المصري في قلب أفريقيا لتكون نافذة تونس نحو الأسواق الأفريقية.

وأضافت أنه يمكن أيضًا للجانب المصري الاستفادة من تواجد تونس وانفتاحها على الأسواق الأوروبية، من خلال حضورها وموقعها، لكي تكون كذلك بوابة لمصر نحو أوروبا لفتح آفاق أوسع للتعاون المشترك بين الجانبين في ضوء الاستفادة من الامتيازات والتسهيلات الممنوحة من خلال الشراكات والاتفاقيات بين البلدين.

وأوضحت أن مصر تعد وجهة واعدة للمستثمر التونسي لعدة اعتبارات أهمها حجم السوق المصرية (أكثر من 100 مليون مستهلك) وموقعها الجغرافي المتميز بقربها لأسواق مستهدفة كسوق دول التعاون الخليجي كما لا ننسى أهمية المشروع القومي المصري لزراعة 2.5 مليون نخلة تجارية من الأنواع المطلوبة في العالم وتنمية صناعات الزيت إضافة إلى وجود العديد من المناطق الحرة إذ تمثل هذه الاعتبارات عوامل هامة لجذب المستثمر التونسي.

وأكدت أن قطاع الصناعات الغذائية يوفر فرصًا مهمة للمستثمر المصري لإنجاز مشاريع مشتركة بالنظر لما تزخر به البلاد التونسية من منتجات فلاحية ذات جودة عالية ومحاصيل بيولوجية وجيوحرارية إضافة إلى توفر الحوافز المالية والجبائية في إطار قانون الاستثمار الجديد وكذلك توفر عدة هياكل مساندة لتقديم الإحاطة الفنية اللازمة وفقًا للمعايير الدولية ولمتطلبات الأسواق.

ولفتت إلى أنه من بين الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاع الصناعات الغذائية بتونس أنشطة تعليب زيت الزيتون وتحويل التمور وتكييف الخضر والغلال وإنتاج مشتقات الطماطم وتحويل المنتجات البيولوجية وإنتاج نصف مصبرات الخضر والغلال.

ونوهت بأن تونس تسعى للاستفادة من التجارب المصرية الناجحة في مجال أنظمة تبريد المناطق (District Cooling) من خلال اجتماع عبر الإنترنت (Webinar) يتم خلاله تقديم التجربة المصرية كاملة إلى الطرف التونسي وذلك يومي 25 و26 يناير 2021.

وذكرت أن مصر وتونس ترتبطان اقتصاديًا بأكثر من 20 اتفاقية تستوعب كافة المجالات، منها ما هو في إطار ثنائي ومنها ما هو في إطار إقليمي عربي وإفريقي، تهدف جميعها إلى تنشيط حركة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة والتصدير والسياحة وغيرها، موضحة أن تفعيل تلك الاتفاقيات كفيل بمضاعفة حجم المبادلات التجارية البينية بين البلدين، حيث بلغ حجم المبادلات حوالي 574.1 مليون دولار سنة 2019، علمًا بأنه قد تم تحديد بلوغ 600 مليون دولار كهدف لحجم المبادلات التجارية بين البلدين.

ونوهت الوزيرة سلوى الصغير بضرورة العمل على تكثيف التظاهرات التجارية والاقتصادية بكلا البلدين وتشجيع اللقاءات المتخصصة بين رجال الأعمال في القطاعات الواعدة، وذلك بهدف التحفيز على إقامة مشاريع مشتركة.

وحول إمكانية الاستفادة من التسهيلات والحوافز المقدمة من قبل الدولتين لتنشيط القطاع الصناعي، قالت سلوى الصغير إن البلدين يعملان من خلال القوانين والتشريعات فضلاً عن الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين على زيادة آفاق مجالات الشراكة الثنائية إضافة إلى التمتع بالامتيازات والتسهيلات الممنوحة للمستثمرين خاصة في ضوء تعزيز التعاون المشترك.

وأوضحت أن تونس تميزت في السنوات الماضية في صناعة قطع غيار السيارات من خلال وحدات إنتاج ومجالات تصنيع تمتلك كفاءات عالية وقيمة تنافسية جيدة، داعية إلى أن يكون هذا المجال فرصة للاستثمار بين البلدين، إلى جانب إمكانية استفادة الشركات المصرية من التطور التونسي في مجال صناعة قطع غيار الطائرات وتدعيم شركات الطائرات بالخبرات في هذا المجال.

وفيما يتعلق بإمكانية الاستفادة من المناطق الصناعية بمختلف محافظات مصر لضخ استثمارات جديدة في القطاع، أكدت وزير الصناعة التونسية، أن البلدين تميزا خلال السنوات الماضية في مجال إنشاء وتطوير المناطق الصناعية المهمة والتي من شأنها أن تكون انطلاقة لتعزيز التعاون المشترك تخدم استثمارات الجانبين.

وأضافت أنه من خلال تلك المناطق نستطيع توسيع مجالات التعاون من خلال توفير مناخ استثماري مميز خاصة للأنشطة الواعدة بمختلف القطاعات لجذب مزيد من الاستثمارات، لافتة إلى المنطقة الصناعية المقامة بولاية المغيرة والتي تعمل على تصنيع قطع غيار الطائرات بجودة عالية وذات ثقة، ويمكن التعاون في هذا المجال كذلك من خلال جملة من الامتيازات والتسهيلات في مجال التصدير من وإلى مصر، فضلاً عن الاستفادة من الحوافز المقدمة على المستويين الضريبي والجمركي.

وبخصوص ريادة البلدين في مجال صناعة الدواء وكيفية التعاون المشترك في هذا المجال، أكدت الوزيرة أن قطاع تصنيع الدواء من القطاعات الواعدة ويشهد تقدمًا وتطورًا كبيرًا في البلدين، لافتة إلى أهمية هذا القطاع في ضوء التحديات التي يشهدها العالم في ظل انتشار فيروس "كورونا".

ولفتت إلى أن هناك دروسًا مستفادة للدول حول العالم، والتي تؤكد ضرورة الاعتماد على الاكتفاء الذاتي في تصنيع الدواء خاصة في ضوء ما حدث خلال شهر مارس الماضي وتداعيات غلق المجالات الجوية بسبب جائحة "كورونا"، قائلة : "إن العبرة المستخلصة هنا هي ضرورة توافر الحد الأدنى من الاكتفاء ببعض المنتجات خاصة الصناعات الحيوية التي ترتبط بصحة المواطن".

ودعت وزيرة الصناعة التونسية إلى ضرورة التعاون بين البلدين في هذا المجال من أجل الاستفادة من الخبرات والإمكانية المتاحة والواسعة للشراكة من أجل إنجاز مشاريع مشتركة في تونس أو في مصر، إلى جانب مجالات البحث العلمي والتكنولوجي الذي يمكن الجانبين من الاستفادة في هذا المجال، ما يعد فرصة لإفساح المجال لشراكات بين الدولتين والتمتع بالامتيازات والتسهيلات التي تمنحها الدولتان.

وأضافت أن هناك قطاعات أخرى يمكن التعاون من خلالها كقطاع النسيج والملابس والجلود والأحذية والذي يشهد تطورًا ملحوظًا في مستوى المنتجات المطروحة في البلدين، مضيفة أن هذا القطاع شهد تأثرًا خلال عام 2020 بفعل تداعيات فيروس "كورونا"، إلا أنه من الممكن التعاون بين البلدين من أجل إعادة فعالية هذا القطاع.

وفيما يتعلق بدعم سبل التعاون المشترك في مجال الطاقة، أشارت إلى أن الجانبين المصري والتونسي يعملان حاليًا على التوجه نحو الاستفادة من الطاقات الجديدة والمستجدة والطاقة النظيفة الصديقة للبيئة من خلال صناعة السيارات الكهربائية والتي تمثل أهمية وقيمة كبيرة يمكن من خلالها دعم التعاون الثنائي.

وذكرت أنه تم إبرام مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والتحكم في الطاقة بين الجمهورية التونسية وجمهورية مصر العربية وذلك خلال الدورة 16 اللجنة العليا التونسية المصرية المنعقدة بالقاهرة من 9 إلى 12 نوفمبر 2017.

وأوضحت أن هذه المذكرة جاءت لوضع إطار قانوني للتعاون الثنائي في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة مما من شأنه أن يوفر فرصًا واعدة للتعاون والشراكة بين البلدين، مضيفة أن أحكام تلك المذكرة تقضي بتبادل الخبرات في المجالات المتعلقة بمصادر الطاقات المتجددة وترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية وذلك بالاستفادة من تجارب البلدين في مجال السياسات والقوانين التشريعية الخاصة بالطاقة وترشيدها من جهة وآليات التمويل اللازمة لتحقيق الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة وترشيد الطاقة من جهة أخرى.

ودعت المستثمرين من الجانبين للاستثمار في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة سواء كانت طاقة شمسية أو طاقة رياح، لافتة إلى أن البلدين لديهما العديد من العناصر المشتركة من حيث الظروف المناخية، وبالتالي يمكن تفعيل شراكة في المشاريع المتعلقة بهذا المجال وللاستفادة من الخبرات والتجارب إلى جانب الامتيازات والتسهيلات والتشجيع الممنوح من قبل الدولتين.

وأشارت سلوى الصغير، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية، إلى أن تونس تتوجه حاليًا نحو تنويع مصادر الطاقة وتدعو المستثمرين المصريين للاستثمار في هذا المجال، مشيرة إلى أن تونس تهدف إلى الوصول بنسبة الطاقات النظيفة إلى 30% في حدود عام 2030؛ بهدف تنويع مصادر الطاقة الصديقة للبيئة والتقليل من الطاقة التقليدية المرتبطة بالمحروقات.