القاهرة في 10 أغسطس/أ ش أ/ تقرير: أحمد تركي (مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط)
يعقد مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق اليوم/الاثنين/ جلسة للتصويت على مشروع القرار الأمريكي بتمديد الحظر على بيع الأسلحة لطهران، وحتى يكون نافذاً لابد من الحصول على أصوات تسعة من أعضاء مجلس الأمن المكون من 15 عضواً.
يدعو نص المشروع الأمريكي، إلى تمديد الحظر لفترة غير محددة، ويخشى مراقبون أن يهدد القرار الاتفاق النووي، باعتبار القرار الأمريكي يتبنى موقفاً يذهب أبعد من البنود الحالية، وهو الحظر على بيع إيران أسلحة تقليدية، الذي ينتهي في 18 أكتوبر المقبل وينتهي هذا الحظر بموجب القرار الذي دعم الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الموقع في يوليو 2015 والمعروف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".
وبموجب الاتفاق الذي أجرى المفاوضات بشأنه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وافقت إيران على خفض نشاطاتها النووية مقابل تخفيف العقوبات عليها. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن في مايو 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق وفرض عقوبات أحادية على إيران في إطار حملة أسماها "ضغوط قصوى" ومنذ ذلك الحين، اتخذت طهران إجراءات محدودة ولكن متزايدة، لتخفيف التزاماتها بالاتفاق مطالبة في الوقت نفسه بتخفيف العقوبات.
بين الرفض والقبول
وفقاً للمحللين، من المتوقع أن يرفض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، مشروع القرار الأمريكي، مما يدفع واشنطن لإعداد بدائل في حالة رفض مشروعها بالتمديد، فضلاً عن أن الرفض قد يشعل معركة دبلوماسية جديدة داخل مجلس الأمن الدولي بين الأعضاء المؤيدين لمشروع القرار، والأعضاء المعارضين له، وأهمهم روسيا والصين.
وأكد الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة، الذين وقعوا مع روسيا والصين الاتفاق النووي، أنهم يؤيدون تمديد الحظر لكن أولويتهم هي الحفاظ على "خطة العمل الشاملة المشتركة".
ويقول خبراء إن الهوة بين الولايات المتحدة وحلفائها تهدد بخلق أجواء من الاستياء في مجلس الأمن الدولي حتى مهلة الثامن عشر من أكتوبر. ويرى مراقبون أن الدول الأوروبية يمكن أن تقبل بتمديد قصير الأمد للحظر إذا كان ذلك يساعد في حماية الاتفاق النووي، وقد تقوم دول أعضاء باقتراح نص جديد، لكن التفاهم مع روسيا والصين يبدو صعباً.
من جانبهما، انتقد وزيرا خارجية روسيا والصين، في رسالتين منفصلتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ومجلس الأمن الشهر الماضي، جهود الولايات المتحدة لتمرير هذا القرار، وتعهدا بأنهما سيستخدمان حق النقض (الفيتو) ضد القرار إذا حصل على تسعة أصوات بـ«نعم»، في المجلس المكون من 15 عضواً، وهو ما يبدو غير مرجح.
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إدارة ترامب بشن حملة سياسية الدوافع ضد طهران، داعياً إلى "إدانة عالمية" لمحاولة الولايات المتحدة فرض حظر أسلحة دائم على إيران. وقال إن ترامب انسحب من الاتفاق النووي لعام 2015 وبالتالي ليس له الآن الحق القانوني في محاولة استخدام قرار الأمم المتحدة الذي يؤيد الاتفاق لمواصلة الحظر إلى أجل غير مسمى.
كما قال وزير الخارجية الصيني وانج يي إنه يجب رفع حظر الأسلحة على إيران في 18 أكتوبر المقبل، مشيراً إلى أن بند "سناب باك" في الاتفاقية النووية لا يسمح للولايات المتحدة بمطالبة مجلس الأمن بتفعيل الآلية لأن واشنطن لم تعد طرفاً في الاتفاقية.
الجدير بالذكر أن الأطراف الخمسة المتبقية في الاتفاق النووي لعام 2015 - روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا - عازمة على الإبقاء عليه، وهي قلقة للغاية من أن تمديد حظر الأسلحة سيؤدي إلى خروج إيران من الاتفاقية وسعيها المتسارع نحو أسلحة نووية.
خيارات وبدائل أمريكية
هددت الولايات المتحدة ببذل كل جهودها لإعادة فرض العقوبات على إيران إذا لم يتم تمديد الحظر، عبر استخدام آلية "سناب باك" التي تقضي بإعادة فرض العقوبات بشكل آلي في حال انتهاك طهران لالتزاماتها الواردة في الاتفاق، وهو احتمال اعتبره مراقبون "مرجحا جداً".
وبرر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو العودة الأمريكية لهذه العقوبة، باعتبار أن الولايات المتحدة ما زالت مشاركة في الاتفاق النووي لذلك يمكنها فرض إعادة العقوبات إذا لاحظت انتهاكات من قبل طهران لالتزاماتها.
وذكر بومبيو بأن هذه الآلية منصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015 والتي يمكن تفعيلها في حال ثبت أن إيران تنتهك الاتفاقية التي سمحت لإيران بتلقي مليارات الدولارات لتخفيف العقوبات مقابل تقييد برنامجها النووي.
ويشكك الحلفاء الأوروبيون في إمكانية إعادة العقوبات بالشكل الذي تريده واشنطن، ويحذرون من أن ذلك يمكن أن يقوض شرعية مجلس الأمن، وقالت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة كيلي كرافت إن الهدف الأول لواشنطن هو تمديد الحظر على الأسلحة، لكن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام كل الأدوات المتوفرة لديها.
وفي أول دفاع استباقي أمريكي، وصفت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إيران بـ"الراعي الأول للإرهاب في العالم"، وحذرت روسيا والصين من أنهما ستصبحان "متواطئتين" إذا عطلتا قراراً بتمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران.
وقد أثار ترشيح اسم أليوت أبرامز منسقا أمريكياً جديدا لشؤون إيران ليخلف هوك في المنصب، إضافة إلى عمله منسقاً لشؤون فنزويلا، الكثير من التساؤلات بشأن مستقبل الملف الإيراني.
واعتبر مراقبون أن اختيار أبرامز خلفاً لهوك، يعد مؤشراً على تفاقم الصراع بين واشنطن وطهران باعتباره يتبنى مواقف تدعو إلى تغيير النظام في طهران وتبني النزعة العسكرية، خصوصاً أنه لم يستطع تحقيق مكاسب كبيرة في إدارة ملف فنزويلا وقيادة الحملة الأمريكية للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وهي دولة أخرى قاومت سياسات "حملة ضغط" من قبل الولايات المتحدة.
ورحبت المنظمات اليهودية الأمريكية باختيار أبرامز خلفاً لهوك، وقال رئيس المؤتمر اليهودي الأميركي جاك روزين إن أبرامز سيعمل بحزم على مواجهة أنشطة إيران الخبيثة في منطقة الشرق الأوسط، وإن خبرته العميقة ومعرفته الطويلة بالمنطقة ولاعبيها وسجله في مواجهة أولئك الذين يساندون الإرهاب وعلى رأسهم إيران تجعله مؤهلاً لهذا المنصب.
وفي المقابل أشار تقرير لمركز "نيو أمريكان سيكيورتي"، البحثي في واشنطن، إلى أن توقيت رحيل هوك عن منصبه لن يكون له تأثير كبير على سياسات الولايات المتحدة تجاه إيران، بل إن إدارة ترامب يمكن أن تتخذ نهجاً تدريجياً لتخفيف التوتر مع إيران خلال الفترة الوجيزة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر، وأيضاً قبل أن تجري الانتخابات الرئاسية في إيران العام المقبل، التي تشير التوقعات إلى احتمالات خسارة الرئيس حسن روحاني. وإذا فاز ترامب بفترة ولاية ثانية فإنه سيعرض إعادة الدخول في اتفاق جديد، وهو نفس الموقف الذي يتبناه المرشح الديمقراطي جو بايدن، إذا امتثلت إيران بالتراجع عن خروقات الاتفاق النووي مقابل منح طهران تخفيفاً محدوداً للعقوبات.
يبقى القول أن واشنطن تملك العديد من الخيارات والبدائل الآنية والمستقبلية في مواجهاتها للملف النووي الإيراني، وذلك وفق تطورات ومجريات السياسة الأمريكية والانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.
/أ ش أ/
البدائل والخيارات الأمريكية حال رفض المشروع بتمديد قرار حظر أسلحة إيران
مصر/أمريكا وإيران/سياسي
You have unlimited quota for this service