• إقليم هونج كونج يشهد احتجاجات مستمرة منذ ستة أشهر
    إقليم هونج كونج يشهد احتجاجات مستمرة منذ ستة أشهر

القاهرة في 10 ديسمبر/أ ش أ/ تقرير : شحاتة عوض (مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط)
أضافت الاحتجاجات الغاضبة التي يشهدها إقليم (هونج كونج) الصيني منذ قرابة ستة أشهر، ملفا آخر إلى ملفات التوتر العديدة بين الصين والولايات المتحدة لاسيما بعد اتخاذ الأخيرة موقفا مؤيدا للمحتجين ومطالبهم، وهو ما اعتبرته بكين تدخلا سافرا وخطيرا في شؤونها الداخلية.
وقد ألقى الموقف الأمريكي المؤيد لمتظاهري (هونج كونج) المناوئة لحكومة الإقليم بظلاله السلبية على العلاقات الصينية الأمريكية وخصوصا فيما يتعلق بالمفاوضات التجارية الحالية بين بكين وواشنطن بهدف تسوية خلافاتهما التجارية ، حيث تحدثت تقارير إخبارية عن أن التوتر الراهن بين البلدين بشأن الوضع في الإقليم بات يهدد بنسف الاتفاق التجاري الذي توصل إليه الطرفان لإنهاء الحرب التجارية بينهما خصوصا بعد مصادقة الرئيس دونالد ترامب على قانون أقره الكونجرس الأمريكي يدعم مطالب المحتجين في الإقليم.
وكان الكونجرس الأمريكي قد وافق بأغلبية ساحقة على مشروع قانون يدعم "حقوق الإنسان والديمقراطية" في (هونج كونج) ويهدد بإلغاء الوضع التجاري الخاص الذي تمنحه واشنطن للاقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي تحت السيادة الصينية، وهي خطوة أثارت حفيظة الجانب الصيني ودفعته للاحتجاج عليها بشدة.
ثم جاءت مصادقة الرئيس ترامب على هذا القانون أواخر الشهر الماضي لتصب مزيدا من الزيت على نار التوتر والاحتقان في العلاقات مع بكين إذ أن القانون لا يدعم فقط المتظاهرين والناشطين المؤيدين للديمقراطية في هونج كونج، لكنه يطالب أيضا الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات على المسؤولين الصينيين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في الإقليم كما يلزم وزارة الخارجية الأمريكية بأن تقر على الأقل سنويا بأن هونج كونج تحتفظ بما يكفي من الحكم الذاتي لتبرير منح الولايات المتحدة لها شروطا تجارية تفضيلية وهي الشروط التي ساعدتها لتصبح مركزا ماليا عالميا.
كما يحظر القانون بيع سلطات هونغ كونج الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وغيرهما من المعدات التي قد تستخدم لقمع الاحتجاجات.
وقد جاء صدور هذا القانون في توقيت بالغ الحساسية كانت تمر به المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين وقبيل توقيعه على القانون ترددت بعض التكهنات عن أن ترامب قد يمنع صدور هذا القانون بهدف إنجاح مساعيه لإبرام اتفاق تجاري مقبول مع الصين، خصوصا في خضم حملته الانتخابية للفوز بولاية ثانية العام المقبل لكن الرئيس الأمريكي ، كما يشير المحللون، لم يكن في مقدروه رفض التوقيع على القانون خصوصا وأنه صدر بأغلبية تصل لحد الاجماع من جانب أعضاء الكونجرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب) هو ما يجعله قانونا يتجاوز حق النقض الذي يملكه الرئيس الأمريكي، أي أنه يمكن سنه حتى لو استخدم ترامب حق النقض ضده.
وحاول ترامب تخفيف وطأة التداعيات السلبية للقانون على العلاقات مع بكين، حيث أصدر بيانا عقب توقيعه عليه عبر فيه عن احترامه للرئيس الصيني شي جينبينغ، وقال إنه يأمل في أن يتمكّن قادة وممثّلو الصين وهونغ كونج من تسوية خلافاتهم ودّيًا..لكن ذلك لم يفلح في احتواء الغضب الصيني من صدور القانون ، فقد حذرت الصين من اتخاذ "إجراءات صارمة"، وقالت إن محاولات التدخل في هونج كونج مآلها الفشل واستدعت وزارة الخارجية الصينية السفير الأمريكي لديها لإبلاغه احتجاج بكين على هذا القانون.
ووفقا لبيان الوزارة فإن نائب وزير الخارجية الصيني أبلغ الدبلوماسي الأمريكي بأن الوضع في هونغ كونج جزء من الشؤون الداخلية للصين، وطالب الولايات المتحدة بوقف تدخلها.
وتتهم الصين الولايات المتحدة بدعم من تصفهم بالمتطرفين والمعادين للصين الذين يحاولون زرع الفوضى في هونج كونج من أجل تحقيق هدفها المشؤوم بعرقلة تنمية الصين عبر استغلال هذه القضية".. وقالت الحكومة التي تساندها بكين في هونج كونج إن التشريع بعث برسالة خاطئة للمتظاهرين ويمثل "تدخلا واضحًا" في شؤون المدينة الداخلية.
وبينما تقول الولايات المتحدة إن موقفها المؤيد للمحتجين في هونج كونج نابع من إيمانها بالمطالب المشروعة في الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن المراقبين يرون أن واشنطن لم تكن لتفوت فرصة الأزمة الحالية في الاقليم ، دون استغلالها لممارسة مزيد من الضغوط على بكين لانتزاع المزيد من التنازلات، سواء فيما يخص المفاوضات التجارية الحالية أو في مواقف الصين من بعض الملفات الدولية التي تتعلق المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
ويشهد إقليم هونج كونج منذ شهر يونيو الماضي احتجاجات غاضبة توصف بأنها أكبر تحدٍ من جانب المستعمرة البريطانية السابقة لبكين منذ عودتها إليها الحكم الصيني عام 1997.. وقد اندلعت هذه الاحتجاجات عقب محاولة الرئيسة التنفيذية للإقليم (كاري لام) تمرير مشروع قانون مثير للجدل يقر تسليم مطلوبين إلى الصين.
لمتابعة تقارير مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط ، يرجى الاشتراك في النشرة العامة للوكالة
/ أش أ /