كتب:أحمد عادل قنديل
لم يكن فانوس رمضان مجرد لعبة يلهو بها الأطفال وينشدون أغنية "وحوي يا وحوي" بل أنه موروث حضاري وثقافي يمثل أحد المظاهر الشعبية الأصيلة للمصريين، وهو أيضًا واحد من الفنون الفلكلورية الّتي نالت اهتمام الفنانين وغيرهم لدرجة أن البعض أصبح يحتفظ به كقطعة جميلة من الدّيكور العربي في الكثير من البيوت المصريّة الحديثة.
العديد من الروايات تتحدث عن أصل الفانوس، أحدها أن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيؤ له الطريق، كان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معًا بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيرًا عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان.
وهناك رواية أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضئ شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها.
رواية ثالثة تحكي أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوسًا لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا، بهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفي نفس الوقت لا يراهن الرجال، وبعد أن أصبح للسيدات حرية الخروج في أي وقت ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون في الشوارع ويغنون.
لكن الرواية الأكثر رواجًا وواقعية التي تناقلها الآباء عن الأجداد تحكي أن المصريين أول من عرفوا فانوس رمضان يوم دخول المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة قادمًا من الغرب .. وكان ذلك في يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية .. وخرج المصريون في موكب كبير جدًا اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز الذي وصل ليلًا .. وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق إليه .. وهكذا بقيت الفوانيس تضئ الشوارع حتى آخر شهر رمضان؛ لتصبح عادة يلتزم المصريون بها كل عام ويتحول الفانوس إلى رمز للفرحة والبهجة في شهر رمضان المبارك .
فانوس الرموز والمشاهير
ويبدو أن الفانوس قد أصبح وسيلة يستخدمها المصريون للتعبير عن أعجابهم بالرموز والمشاهير، وقد عكست صناعة الفوانيس هذا العام أعجاب المصريين باللاعب محمد صلاح الذي خطف قلوب العالم وحظي بشعبية جارفة بعد فوزة بجائزة أفضل لاعب فى الدورى الانجليزي، ليصبح فانوس صلاح الأشهر والأكثر مبيعًا هذا العام بعد أن جذب جميع الأطفال وأسرهم لشراء الفانوس.
محمد طارق شاب يبلغ من العمر 28 عامًا قرر منذ الصغر أن يعمل في صناعة الفوانيس بأحدي الورش في السيدة زينب، ويعتبر أن صناعة الفوانيس من الصناعات المهمة التي تعلمها من والده وأجداده، وهي صناعة تساهم في تشغيل الشباب وحل مشكلة البطالة .. ويضيف طارق أن الفوانيس أنواع بعضها يصنع من الخشب والآخر من الصاج والبلاستيك، وتطورت صناعتها في مصر علي مر العصور حتي ظهر الفانوس الذي يغني ويضئ بالمصباح الكهربائي بالشكل الحالي وصناعة الفوانيس تنتشر في مناطق معينة مثل منطقة تحت الربع القريبة من حي الأزهر والغورية ومنطقة بركة الفيل بالسيدة زينب وبعد التصنيع نقوم ببيعها بأسعار تبدأ من 10 جنية إلى30 وحتي 200جنية، وتشكيلات هذا العام تختلف عن الأعوام السابقة ويوجد لدينا فوانيس مصرية شعبية أفضل بكثير من الفوانيس الصينية من ناحية التصميم والشكل والخامات.
ويروي طارق لنا أنه بدأ مشواره في صناعة الفوانيس منذ الصغر، وأختار أن يعمل في مجال يتناسب مع اهتماماته وميوله، ثم بدأ يتعلم كيف يتم صناعة الفانوس من خلال تجميع الخشب مع بعضها البعض باستخدام الغراء اللاصق ثم يتم تثبيت الخرز على أضلع الفانوس الخشبية ، كما يمكن إضافة أي نوع من الزينة إلى الفانوس وتثبيتها بالطريقة نفسها، ثم يترك الفانوس جانبًا، حتى يجف الغراء.
ويضيف طارق أن الفوانيس هذا العام تتميز برسم المشاهير مثل اللاعب المصرى محمد صلاح الذى كان سببًا في فرحة المصريين بفوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدورى الانجليزي، والمصريون حريصون على اقتناء الفوانيس، للتعبير عن البهجة والفرحة بشهر الصوم، وتتزين المنازل به بالداخل، فيما تتحلى معظم الشرفات بالفانوس طوال رمضان لتضيء لياليه، كما نجده منتشرًا ومعلقًا على واجهات المحال تعبيرًا عن السعادة بحلول رمضان.
فانوس رمضان .. صناعة لها تاريخ
مصر/فوانيس رمضان/منوعات
You have unlimited quota for this service