-
الاحتفاء بصلاح جاهين "فيلسوف البسطاء" ترسيخ لتوجه الدولة المصرية في تحفيز المبدعين
القاهرة في 19 فبراير/أ ش أ/تقرير يكتبه: حمدي المليجي
كرست الدولة المصرية محور "الثقافة والاحتفاء برموز الإبداع" مكونا أساسيا في الجمهورية الجديدة لبناء الإنسان وتشكيل وعيه الوطني لترسيخ الهوية الثقافية في إطار رؤية شامل بتقدير الشخصيات البارزة التي أثرت المشهد الثقافي والإبداعي المصري.
وفي هذا السياق ، تنطلق اليوم /الأربعاء/ ، فعاليات الاحتفاء بالشاعر والفنان الكبير صلاح جاهين خلال سلسلة من الفعاليات الثقافية والفنية تنظمها قطاعات وزارة الثقافة في سياق الحرص على تكريم رموز الإبداع المصري الذين أثروا الحياة الثقافية والفنية.
ويعكس الاحتفاء بجاهين، الذي يأتي تحت عنوان "عمنا صلاح جاهين"، التزام الدولة المصرية بتكريم المبدعين والاعتزاز بأدوارهم الرائدة في بناء الوعي الوطني وترسيخ الهوية الثقافية ما يعكس عمق التقدير الرسمي والشعبي لعطائهم الفكري والفني تقديرا لإسهامات المكرمين في مختلف مجالات الثقافة، من أدب وفن وموسيقى وفكر.
وأعدت وزارة الثقافة برنامجا مكثفا للاحتفال والاحتفاء بالشاعر الكبير صلاح جاهين وذلك بمجموعة متنوعة من الفعاليات التي تشمل عروضًا فنية، وندوات ثقافية، ومعارض توثيقية، بهدف إحياء تراثه وتسليط الضوء على دوره الفريد في تشكيل الوجدان المصري".
( النشأة والمولد)
ولد جاهين في 25 ديسمبر 1930 في شارع جميل باشا في شبرا بالقاهرة..عمل والده المستشار بهجت حلمي في السلك القضائي، حيث بدأ كوكيل نيابة وانتهى كرئيس محكمة استئناف المنصورة.. درس الفنون الجميلة ولكنه لم يكملها حيث درس الحقوق.
(رحلة من الإبداع)
عمل صلاح جاهين محررا في عدد من المجلات والصحف، ورسم الكاريكاتير في مجلتي " روز اليوسف" و"صباح الخير" حتى انتقل إلى صحيفة "الأهرام" ، حيث كان كاريكاتير جاهين يُتابع بقوة وظل بابا ثابتا لفترة طويلة متميزا بخفة الدم المصرية والقدرة على النقد البناء.
وقدم جاهين إبداعا متميزا ومختلفا في كافة الفنون والآداب شكل مسيرة ثرية ملهمة لأجيال من المبدعين والمريدين ، فيما أُطلق عليه ألقاب، منها: "فيلسوف البسطاء"، و" شاعر الفقراء"، و"شاعر الثورة" حيث تعددت الألقاب بتعدد إنجازات صاحب اللقب.
وما يميز تلك الرحلة الإبداعية والمسيرة الثرية ، أن جاهين ترك خلفه بصمة لا تمحى ومشوارا حافلا في الشعر كان رصيده ما يزيد على 160 قصيدة، من أشهرها "على اسم مصر" ، كما أن من أهم دواوينه الشعرية الأخرى "موال عشان القنال" ، بينما مثلت "الرباعيات" قمة الإنتاج الشعري لجاهين ، إذ اتسمت بالعمق الإنساني الشديد وقدمت قالبا فلسفيا في أقل عدد من الكلمات وبأسلوب بسيط بالعامية المصرية.
وعن رباعيات جاهين ، يقول الناقد والمفكر الكبير الراحل الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق في مقال نقدي لأعماله:" أغلب الظن أن رباعيات عمر الخيام الشهيرة التي تبارى الشعراء العرب في ترجمتها كانت تتردد أصداؤها في بيت صلاح جاهين الطفل والفتى الذي سرعان ما شب ليصبح واحدا من أعظم مبدعي قصيدة العامية المصرية".
ويضيف عصفور :" لا غرابة والأمر كذلك في أن يميل صلاح جاهين إلى قالب الرباعية، ويحاول استخدامه على نمط قصيدة العامية المصرية ليؤكد الحضور المتميز لهذا القالب الشعري؛ سواءً في لغته التي تتوسط بين العامية والفصحي، أو في صوره الشعرية التي تمضى مع الخيال في كثافة آسرة أو في تأملاته التي تصل ما بين السماء والأرض وتتجول بينهما متبصّرة حضور الكائنات المتحركة، في مدى التأمل أو البصر الذى سرعان ما ينقلب إلى بصيرة".
( عالم السينما والسياسة)
لكن موهبة جاهين الجارفة في الشعر لم تأخذه بعيدا عن عالم السينما الذي قدم له العديد من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما الحديثة مثل /أميرة حبي أنا / و / عودة الابن الضال/ و/خلي بالك من زوزو / الذي يعتبر أحد أكثر الأفلام رواجا في السبعينيات إذ تجاوز عرضه حاجز 54 أسبوعا متتاليا.
وارتبط جاهين بعلاقة قوية مع الفنانة سعاد حسني حيث دفعها إلى العمل مع الفنان أحمد زكي في مسلسل /هو وهي/ ، كما ينظر البعض إليه على أنه متبني الفنانين علي الحجار، أحمد زكي وشريف منير".
وبعيدا عن انجازات جاهين في الأدب والفن ، فقد ترك بصمته الخاصة في السياسة، والتي حولها كلمات ذات تأثير ملموس وعبر في أغانيه السياسية الشهيرة مع عبد الحليم حافظ مغنيا، وكمال الطويل ملحنا عن أحلام ثورة يوليو وقائدها الزعيم جمال عبد الناصر ، ونالت رسوماته الساخرة قبولا شعبيا كبيرا لأنها تنطوي على كمية كبيرة من النقد البناء للمشاكل الاجتماعية والسياسية.
( الوفاة)
وفي 21 أبريل من عام 1986 ، رحل المبدع الكبير صلاح جاهين عن عالمنا بعد رحلة عطاء كبيرة كتبت اسمه في سجل المبدعين الذين لا يرحلون بموتهم رغم مرور ما يقرب من 39 عاما على الرحيل إلا أن أثره باق بأعمالها التي تعيش عبر الأجيال.
(برنامج مكثف للاحتفاء بجاهين)
وأعدت وزارة الثقافة برنامجا مكثفا للاحتفال والاحتفاء بالشاعر الكبير صلاح جاهين وذلك بمجموعة متنوعة من الفعاليات التي تشمل عروضًا فنية، وندوات ثقافية، ومعارض توثيقية، بهدف إحياء تراثه وتسليط الضوء على دوره الفريد في تشكيل الوجدان المصري".
وتعقد دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتورة لمياء زايد، ضمن نشاطها الثقافى والفكري ثلاث فعاليات ثقافية وفنية وشعرية تحت عنوان " عمنا صلاح جاهين" بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور؛ تبدأ جميعها في السابعة مساء الأربعاء ١٩ فبراير؛ و تسلط الضوء على تراث الشاعر الكبير صلاح جاهين .
بينما تنظم الهيئة العامة لقصور الثقافة، عددًا من الفعاليات بهذه المناسبة ، منها ندوة موسيقية عن صلاح جاهين؛ وفقرة غنائية لمجموعة من أشعاره على مسرح السامر بالعجوزة، إلى جانب أمسية عن حياته وأشعاره بقصر ثقافة روض الفرج، إلى جانب قراءات لأعماله بكافة الفروع الثقافية بالمحافظات، ومعرض فنون تشكيلية بعنوان "وجوه صلاح جاهين" بقصر ثقافة شبين الكوم، وندوة صلاح جاهين "الملامح الدرامية والجمالية في إبداعه" بنادي القصة بالقاهرة.
في سياق متصل ، ينظم المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور أشرف العزازي، عددًا كبيرًا من الفعاليات الثقافية للاحتفاء تحت شعار "عمنا .. صلاح جاهين"، وتبدأ الفعاليات بمعرض يحمل عنوان (رباعيات طباعية) ويتضمن أعمالًا فنية مستلهمة من رباعيات صلاح جاهين.
كما أعد قطاع الفنون التشكيلية؛ برنامجا حافلا للاحتفاء "بعمنا .. صلاح جاهين"، في عدد من المتاحف الفنية في القاهرة والمحافظات، يتصدرها استضافة متحف السيرة الهلالية بمحافظة قنا، عددًا من الفعاليات تحت عنوان "الروح المصرية في الأغنية بين صلاح جاهين و عبد الرحمن الأبنودي" تتضمن عرض مجموعة من القصائد المغناة التي كتبها صلاح جاهين علي سبيل المثال "والله زمان يا سلاحي وقصيدة " أحلف بسماها و بترابها" لعبد الرحمن الأبنودي وتتضمن الاحتفالية ورشة حكي عن الشاعر الكبير صلاح جاهين ودوره الكبير في إثراء الثقافة المصرية وعلاقته الوطيدة بالخال عبد الرحمن الأبنودي.
وينظم متحف أحمد شوقي احتفالية كبيرة بعنوان "صلاح جاهين : فيلسوف الفقراء في بيت أمير الشعراء "يستضيف فيها شاعر العامية الكبير المهندس ياسر قطامش؛ ومجموعة متميزة من شعراء العامية المصرية، إضافة إلي ورشة حكي عن أغاني العامية بين شوقي وصلاح جاهين، وورشة رسم لمجموعة من البورتريهات الفنية المستوحاة من رباعيات صلاح جاهين، ومعرض لنتاج الورشة الفنية بمركز كرمة بن هانىء الثقافي.
وينظم المركز القومي للترجمة؛ برئاسة الدكتورة كرمة سامي، فى الواحدة ظهر الأربعاء 19 فبراير، احتفالية كبرى فى محبة "عمنا.. صلاح جاهين"، بحضور أسرة الشاعر الكبير بهاء جاهين والسيدة أمينة جاهين والشاعر الكبير أمين حداد والفنانة سامية جاهين، وبمشاركة عدد كبير من المترجمين والمفكرين، وذلك بقاعة طه حسين بمقر المركز القومي للترجمة بساحة دار الأوبرا المصرية .
ح م د/م ش ا
أ ش أ