• "حصن خصب".. قلعة تحكي قصة الصمود العماني بمضيق هرمز

"حصن خَصَب" في محافظة مسندم بسلطنة عُمان يعد أحد أهم المعالم التاريخية في المحافظة الإستراتيجية المطلة على مضيق هرمز.. كما يعدا شاهدا يروي سيرة تاريخ مسندم العريق، فالمحافظة المطلة على مضيق هرمز الإستراتيجي ظلت على مدى قرون مطمعا للغزاة الذين رأوا فيها جوهرة نادرة لا يمكن تفويت الظفرِ بها.
والحصن الذي يقع على الجانب الشرقي من ولاية خصب في الجزء القديم من المدينة شيده البرتغاليون في القرن السابع عشر في محاولة منهم للهيمنة على طرق التجارة في الخليج، وقد أعادت السلطات العُمانية ترميمه كمعلم سياحي مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وقالت رئيسة قسم الترويج السياحي في إدارة التراث والسياحة التابعة لوزارة التراث والسياحة، مريم بنت أحمد محمد، في تصريحات خاصة لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى سلطنة عمان، اليوم /الثلاثاء/، :"في الباحة الرئيسية للحصن، يقع البرج الرئيسي الذي تم بناؤه قبل الحصن نفسه، وتحول هذا البرج إلى متحف تعرض فيه المشغولات اليدوية والمقتنيات الأثرية بمحافظة مسندم، وحولت المرافق السكنية الموجودة بالأدوار العليا للحصن إلى معرض يقدم نماذج للحياة اليومية والتقاليد والفنون والحياة الاجتماعية التي تميز مسندم عن سواها من محافظات السلطنة، وباتت تشكل عناصر جذب لآلاف السياح.
وأوضحت أن الحصن شغل عدة وظائف على مر العصور، إضافة إلى كونه قوة حصينة كانت تمارس فيه مهام الولاة والقضاة وتدار دفة الحكم به وتجري دعاوى الصلح والبت في الأحكام إضافة إلى استخدامه كسكن للولاة خاصة في القرون الأخيرة حيث اتخذ مقرا لسكن الوالي. مشيرة إلى أن "حصن خصب" يعد أحد أبرز المعالم السياحية بمحافظة مسندم فهو يجسد ملامح من الماضي العريق للمواطن العُماني في المحافظة.
وقالت مريم بنت أحمد ، "عند دخولك إلى الحصن ستجد بالبوابة الرئيسية ثلاثة مدافع صغيرة موجهة نحو البحر، وقد صنعت أبواب الحصن من خشب الساج الأصلي والجدران مزينة بالسيوف والبنادق القديمة".
وأضافت، قامت وزارة السياحة في الربع الأول من عام 2007 بافتتاح مشروع تطوير الحصن، وضم مشروع التطوير جوانب أهمها تأهيل مبنى الحصن وتأهيل الطاقة الكهربائية وتوصيلاتها واستخدام أجهزة طرد الرطوبة من الصاروج والأرضيات، وتأهيل البرج الأوسط الكبير بالحصن ليكون متحفًا دائمًا يعرض مختلف المشغولات اليدوية والعادات والتقاليد والفنون الشعبية بمحافظة مسندم، وتأهيل المرافق السكنية الموجودة بالحصن وتحويلها إلى معرض منزلي مؤثث بكافة ما يحتويه المنزل بمحافظة مسندم، بما في ذلك معرض للباس التقليدي بأنواعه مع الحلي التقليدية.
وأردفت، "إنه تم في العام 2007 بناء عدة نماذج إضافية في الفناء الخارجي للحصن وتشمل الفرن الطيني (التنور) والمطحنة اليدوية الدوارة (الرحى) والبيت الصيفي (العريش) وبيت القفل، فضلا عن عرض قوارب الماشوة والبتيل لتعريف الزائر بالعمارة القديمة التي توائم الظروف المعيشية لأهالي محافظة مسندم في تلك الفترة".
البيت الصيفي"العريش"
إزدهرت عدة أنماط للإرتحال الموسمي لدى أهالي محافظة مسندم حتى النصف الثاني من القرن العشرين، وفي أوقات الشتاء كانوا يستوطنون المناطق الساحلية والجبلية النائية معتمدين على الزراعة التي تنتعش أثناء موسم الأمطار، بينما ينتقلون صيفا إلى خصب وبخا والمناطق الأخرى للمشاركة في حصاد ثمار النخيل، وكانت مساكنهم الصيفية عبارة عن بيوت مبنية من سعف النخيل بحيث تسمح بالتهوية الطبيعية ويعرف الواحد منها باسم "عريش"، وكان يتم بناؤه على قاعدة من الحجر بحيث يساعد ارتفاعه على مرور النسيم القادم من جهة البحر فيه وتعود العائلات إلى نفس العرشان كل عام حيث تقوم بصيانتها واستبدال المواد التالفة بأخرى مأخوذة من أشجار النخيل المحلية.
"بيت القفل"
هو عبارة عن مستودع يتم بناؤه تحت الأرض وهو نوع من المعمار الفريد الذي تمتاز به جزيرة مسندم، وقد نشأ هذا النوع من البيوت كأداة لحفظ المؤن الحيوية والممتلكات البيتية في فترات الارتحال الموسمي للأهالي، ويتم الدخول إليه من باب خشبي صغير يتم إغلاقه بواسطة أداتي قفل.
وبيت القفل مصمم من الداخل بحيث يستوعب صفوفا من جرار التخزين الكبيرة المملؤة بالماء والتمور والحبوب والمؤن الأخرى وتوضع هذه الجرار في بيت القفل خلال المراحل الأول من بنائه كإجراء احترازي إضافي وتكون أكبر حجما من مدخل الباب ذاته مما يجعل من غير الممكن بعد ذلك نقلها إلى خارج بيت القفل.
"الماشوة"
تعتبر الماشوة ذات النهاية (المؤخرة ) المستوية تطويرا للقوارب ذات النهاية المزدوجة، وقد ودعت الماشوة مياه البحار والخلجان منذ عام 1999، لكن قديما كانت تستخدم كقوارب للسفن الشراعية الضخمة التي كانت تجوب المحيطات مثل "البغلة"، و"اليوم"، كما كانت الماشوة تستخدم كقوارب إنقاذ ووسيلة إتصال بين السفن في عرض البحار.
والماشوة يمكن إبحارها عن طريق التجديف أو بوضع محرك خارجي هلا، حيث كانت تستخدم كعبارات صغيرة لعبور الأشخاص أو البضائع ذهابا وإيابا بين المرسى والساحل، والتطريف أن نجاري السفن أثناء الرحلات البحرية الطويلة إلى ومن موانىء إفريقيا كانون يقومون باستغلال الوقت في صنع الماشوة على ظهر السفينة الكبيرة التي يبحرون عليها بغرض بيعها في الضفة الأخرى.
"البتيل"
هو اسم أحد أنواع القوارب التي كان مشهدها شائعا في مياه الخليج وشمال السلطنة، وقد تميزت قوارب البتيل بسرعتها الفائقة مما جعلها تتمتع بشهرة واسعة في عالم البحار نظرا للاعتماد عليها سابقا في المعارك البحرية وعمليات تهريب البضائع بالإضافة إلى الصيد والبحث عن اللؤلؤ والتجارة الساحلية.
إن النظرة السريعة إلى تاريخ البتيل تؤكد أنه مصنوع نموذج من القوارب المصنوع من الخشب ومصفوف مع بعضه بالحبال وكان يجوب الخليج العربي والبحر العربي منذ آلاف السنين، أما أخر نموذج من البتيل الصغير فقد تم صنعه في "كمزار" عام 1970 أما النوع الكبير من قوارب البتيل فيسمى "السلق" وهو يجوب بالشراع والمجاديف.
الفرن الطيني"التنور" والمطحنة اليدوية الدوارة "الرحى"
كان طحن الحبوب عملا بيتيا يوميا يتم بواسطة مطحنة يدوية دوارة تسمى"رحى" تتكون من حجرين دائريين ، ويبقى الحجر السفلي ساكنا في حين يتم تدوير الحجر العلوي بواسطة مقبض خشبي ، وتوضع الحبوب في فتحة تتوسط الحجر العلوي للرحى ثم تخرج من بين الحجرين على شكل دقيق خشن"جريش" ومن ثم يتم خبزه في أفران مبنية من الطين تسمى "تنور" ويُستخدم الخشب لإيقادها، ويكون الخبز على شكل دوائر كبيرة ومسطحة بحيث يمكن أن يصل نصف قطر الواحد منها إلى نصف متر.