أبوظبي في 3 يونيو /أ ش أ/ من.. (سارة مصطفى - إسراء نزار)
تعد عملية إنقاذ الأشخاص في الأماكن الخطرة أو التي يصعب الوصول إليها، هي مهمة إنسانية بالدرجة الأولى، ولكنها أيضا تحتاج لجهود كبيرة وتعاون دولي بارز.. ومع التقدم الذي يشهده العالم في وسائل التكنولوجيا الحديثة وصولا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تلقى اهتماما عالميا متزايدا، أصبحت هذه المهمة أمام تحديات أكبر لتطرح سؤالا مهما "كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد المجتمع الدولي على تطوير عمليات البحث عن الأشخاص في حالات الخطر على اليابسة أو في البحر أو حتى الجو؟".
ومع استضافة دولة الإمارات، ممثلة في المركز الوطني للبحث والإنقاذ، للاجتماع السنوي الـ39 للمنظمة العالمية للبحث والإنقاذ عبر برنامج الاتصالات العالمية للأقمار الاصطناعية "كوسباس - سارسات"، تقدمت الإمارات بمشروع رائد هو الأول من نوعه على مستوى المنظمة يهدف إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل إشارات الاستغاثة، ما يعزز من سرعة ودقة الاستجابة.
وتستضيف العاصمة الإماراتية أبو ظبي، للمرة الأولى، الاجتماع السنوي الـ39 للمنظمة العالمية للبحث والإنقاذ خلال الفترة من 27 مايو 2025 إلى 5 يونيو الجاري، بمشاركة أكثر من 200 خبير من 45 دولة ومنظمة دولية متخصصة في مجالات البحث والإنقاذ عبر الأقمار الاصطناعية، من بينها منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، والمنظمة البحرية الدولية (IMO)، والاتحاد الدولي للاتصالات (ITU).
وشهدت الأيام الأولى للاجتماعات جلسات مغلقة ونقاشات فنية وتبادلا للرؤى والاقتراحات، استعرض خلالها المشاركون أبرز التحديات والفرص في تطوير أنظمة الإنذار بالأقمار الاصطناعية، وتحسين آليات التنسيق وتبادل البيانات بين الدول والجهات المختصة، بما يسهم في تعزيز سرعة ودقة الاستجابة للطوارئ، وإنقاذ الأرواح في مختلف أنحاء العالم، كما تطرقت الاجتماعات إلى إمكانية تحديث أجهزة الاستغاثة.
وتعد تقنية الاتصال الثنائي الاتجاه، هي أبرز الموضوعات المطروحة خلال الاجتماعات، وهي قدرة متطورة تتيح لمراكز تنسيق الإنقاذ إرسال استفسارات أو تعليمات مباشرة إلى الشخص الذي فعّل جهاز الاستغاثة عبر الأقمار الصناعية، مما يخلق قناة تواصل فورية قد تُحدث فارقًا كبيرًا في عمليات الإنقاذ، خاصة في الحالات التي تكون فيها كل دقيقة مصيرية.
ومنظمة "كوسباس - سارسات"، هي المنظمة العالمية الوحيدة المعنية بالكشف عن إشارات الاستغاثة عبر الأقمار الصناعية وتوجيهها إلى الجهات المختصة، ومنذ تأسيسها في عام 1982 أسهمت في إنقاذ أكثر من 66 ألف شخص حول العالم.
وبرنامج "كوسباس - سارسات"، هو نظام استغاثة دولي يعتمد برنامجاً فضائياً متعدد الأقمار والمدارات الفضائية تأسس بموجب اتفاق دولي مبرمج للعمل المشترك بين المستخدمين الأرضيين ومحطات المراقبة والسفن والطائرات والأشخاص عن طريق الأقمار الصناعية المخصصة لهذا العمل.. وتشاركت كل من كندا وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية في عقد مشاركة إطلاق الخدمة، ويضم حاليا حوالي 45 دولة.
ويتعاون نظام "كوسباس - سارسات" مع المنظمة البحرية الدولية (IMO) ومنظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، وكلاهما كيانان تابعان للأمم المتحدة.. ويعد الهدف الأساسي من برنامج "كوسباس - سارسات" الدولي هو توفير البيانات الدقيقة في الوقت المناسب، للاعتماد عليها بما يخص نداءات ومواقع الاستغاثة للمساعدة في البحث والإنقاذ والوصول إلى الأشخاص المعرضين للخطر بأسرع وقت.
وفي عام 2023 فقط، ساهم نظام "كوسباس - سارسات" في إنقاذ 3211 شخصا عبر 1171 حادث بحث وإنقاذ، كما نفدت فرق الإمارات أكثر من 1000 مهمة إنقاذ خلال عام 2024 والربع الأول من 2025.
وأنضمت دولة الإمارات إلى المنظمة في عام 2009، ومنذ ذلك الحين تؤدي دورا محوريا عبر المركز الوطني للبحث والإنقاذ، الذي يدير تسع محطات أرضية متطورة تسهم في استقبال وتحليل بيانات نداءات الاستغاثة وتوزيعها على الجهات المعنية، وتجسد استضافة الإمارات لهذا الحدث التزامها بالتعاون الدولي، وريادتها في تطوير التكنولوجيا الفضائية الداعمة للاستجابة الإنسانية السريعة والفعالة في حالات الطوارئ.
ومن جانبه، أكد مدير عام المركز الوطني للبحث والإنقاذ العميد راشد النقبي أن استضافة دولة الإمارات لهذا الحدث الدولي تُعدّ ترجمة حقيقية للرؤية الوطنية الرائدة في دعم المبادرات الإنسانية، وتعزيز القدرات الوطنية في مجال البحث والإنقاذ، مشيرا إلى التزام بلاده ببناء شراكات استراتيجية وتبادل الخبرات مع الجهات الدولية، بما يسهم في إنقاذ الأرواح، والارتقاء بجاهزية الاستجابة للطوارئ وفق أعلى المعايير العالمية.
وبدوره، قال رئيس وفد منظمة "كوسباس - سارسات" رئيس الاجتماع الـ39 للجنة المشتركة ألين نوكس "إن اجتماعات البرنامج تنعقد في دولة الإمارات للمرة الأولى في تاريخه، وهو ما يمثّل محطة مهمة في مسيرة البرنامج"، مشيداً بتنظيم الإمارات، ممثلة في المركز الوطني للبحث والإنقاذ، لاجتماعات البرنامج.
ونوه إلى أن هذه الاجتماعات تشكل حجر الأساس في تعزيز فاعلية منظومة البحث والإنقاذ العالمية من خلال توفير منصة لتنسيق الجهود الدولية، وتبادل المعرفة، واستعراض أحدث التقنيات والتجارب في هذا المجال الحيوي.
وبدورها، قالت المسؤولة الرئيسية للعمليات في أمانة برنامج "كوسباس - سارسات" بمقره في مونتريال بكندا، شيريل بيرتوا "إن برنامج "كوسباس - سارسات" يُعد في جوهره مهمة إنسانية لإنقاذ الأرواح، إذ يشغّل شبكة عالمية من الحساسات الفضائية المصممة لرصد وتحديد مواقع إشارات الاستغاثة الصادرة عن أجهزة الطوارئ، سواء تم تفعيلها من قبل أشخاص في حالات خطر على اليابسة أو في البحر أو في الجو".
وأوضحت أن هذه الحساسات تعتمد على أقمار صناعية للملاحة العالمية، وأخرى خاصة بالأحوال الجوية، مما يضمن تغطية عالمية وسرعة في استقبال الإشارات، لافتة إلى أنه عند تفعيل جهاز الاستغاثة، يتم إرسال الإشارة إلى شبكة الأقمار الصناعية، ثم تُنقل إلى المحطات الأرضية، ومنها إلى مراكز تنسيق الإنقاذ التي تتولى تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ.
وأضافت أن هذا الاجتماع المشترك يُعد خطوة حيوية في مسيرة تطوير النظام وتحسينه باستمرار، ونعمل دومًا على دمج تقنيات جديدة لرفع كفاءة الاستجابة وسرعتها.
وبدوره، كشف رئيس قسم التدريب والتمارين بالمركز الوطني للبحث والإنقاذ الإماراتي سيف الكعبي عن تنظيم معرض مصاحب لاجتماع "كوسباس - سارسات"، مؤكدا أنه يعتبر إضافة متميزة لهذه النسخة، حيث يتم عرض آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا البحث والإنقاذ، وكيفية الاستفادة منها، وخاصة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تمت إضافتها مؤخراً في مجال البحث والإنقاذ والرعاية الصحية العاجلة الموجودة في جناح المركز والمعرض المصاحب له.
إسر/سار/ ف ط م
/أ ش أ/
نقاشات فنية وأفكار رائدة في اجتماعات منظمة "كوسباس-سارسات" الدولية المنعقدة بالإمارات للمرة الأولى
الإمارات/منظمة عالمية/بحث وإنقاذ/اجتماعات/منوعات
You have unlimited quota for this service