القاهرة في 6 أبريل /أ ش أ/ كتب محمد المعبدي
تتميز مصر بالأماكن والمقاصد السياحية الكثيرة، والتي تعكس عمقاً حضارياً وثقافياً كبيراً تراكم على مدار السنين ومن ضمنها شارع المعز لدين الله الفاطمي، والذي يعد أكبر متحف إسلامي مفتوح في العالم.
ويتميز الشارع بعمارة فنية تعكس جماليات الأبنية التاريخية، والأماكن الأثرية، والشوارع والأزقة المليئة بالأماكن ذات الصبغة الإسلامية.
كما أنه من أبرز الواجهات التاريخية ورمز للحضارة الإسلامية ومقصد لكل محبي التراث الإسلامي، فبالإضافة إلى أنه شاهد حي على تاريخ القاهرة الإسلامية، فإنه يجمع طابعه الأثري وجماله الفريد بين روعة الماضي وألق الحاضر.
ويُعد شارع المعز وجهة سياحية رئيسية تجذب الزوار من داخل مصر وخارجها، ويحتضن العديد من الآثار التي تعكس روعة الفن الإسلامي عبر العصور، كما يُقام في الشارع العديد من الفعاليات الفنية والثقافية التي تسلط الضوء على التراث المصري الأصيل، مثل العروض الموسيقية التقليدية والأسواق الحرفية.
وقال الدكتور محمد أحمد عبداللطيف عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن قصة هذا الشارع تبدأ عندما أنشأ القائد جوهر الصقلي القاهرة المعزية فجعل في السور الشمالي بابين متباعدين هما باب النصر والفتوح وفي السور الجنوبي بابين متجاورين هما بابا زويلة – أحدهما اندثر والآخر مازال موجودا – وجعل شارعا رئيسياً من باب الفتوح إلى باب زويلة القائم حالياً عرف بالشارع الأعظم أوشارع المعز لدين الله الفاطمي.
وأضاف أن هذا الشارع يعتبر أكثر شوارع القاهرة ازدحاما بالآثار الإسلامية، وبذلك يعتبر أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم كله، حيث يوجد به 29 أثراً إسلامياً من مختلف العصور.
وتابع: "يمتد شارع المعز من باب الفتوح شمالا إلى باب زويلة جنوبا بطول 1500 متر ثم امتد بعد ذلك جنوباً من باب زويلة إلى مقام السيدة نفيسة ثم إلى الفسطاط ليصل طول الشارع الأعظم إلى حوالى 4800 متر وعرف شارع المعز لدين الله الفاطمي بالشارع الأعظم وشارع القاهرة وشارع القصبة، وأنشأ جوهر على الجانب الشرقي منه قصراً للخليفة المعز عرف باسم القصر الشرقي الكبير؛ لأن ابنه العزيز بالله أنشأ قصراً صغيراً أمام قصر أبيه عرف باسم القصر الغربي الصغير والقصر الشرقي كانت مساحته 70 فدانا تقريبا وكانت له تسعة أبواب، ويعتبر هذا القصر عدة قصور متداخلة ولهذا عرف باسم القصور الزاهرة التي لم يعد لها أثر الآن.
وقال: "كان شارع المعز عامرا بالمتاجر والأسواق حتى بلغ عدد المحلات فيه من الحسينية خارج باب الفتوح حتى السيدة نفيسة 1200 محل.. وظل الشارع الأعظم ما بين باب الفتوح شمالا وباب زويلة جنوباً له مكانته الفريدة أيام الفاطميين والمماليك وكانت به تقاليد تراعى منها ألا يمر به حمل تبن أو حمل حطب ولا يسوق به أحد فرسا ولا يمر به سقاء إلا وراويته مغطاة وكان مقرراً على أصحاب المحلات أن يعلقوا قناديل موقدة طول الليل، وأن يعد كل منهم زيراً مملوءاً بالماء لمكافحة الحريق في أي مكان".
وأضاف: "كان من التقاليد في زمن الفاطميين إذا قدم مبعوث من ملوك الفرنجة أن ينزل عند باب الفتوح ويقبل الأرض قبل أن يصل إلى قصر الخليفة وكان كل من يغضب الخليفة يُؤمر بالخروج إلى باب الفتوح حاسرا الرأس ويستغيث نحو الخليفة وكان الحاكم بأمر الله يتجول في الشارع ليلاً بدون حراسة ليطلع بنفسه على نظافة الشارع ومدى التزام أصحاب المحلات وسكان الشارع بالأوامر، فكان الناس يتبارون في إضاءة الشارع وتنظيفه وتزيينه بأحواض الخضرة ولاحظ الحاكم في إحدى جولاته خروج النساء ليلا للفرجة على موكب الخليفة فأمر بمنع النساء من الخروج ليلاً بعد العشاء، ولما لفت نظره ازدحام طرقات ومحلات الشارع بالناس أصدر أمرا بمنع الناس رجالاً ونساء من الخروج بعد العشاء.
وتابع الدكتور محمد أحمد عبداللطيف: "كانت للقاهرة القديمة بوابات للدخول فبعد أن دخل الفاطميون مصر بقيادة جوهر الصقلي سنة 359 هـ/ 969 م وقضوا على الدولة الإخشيدية فكر جوهر في بناء عاصمة للخليفة الفاطمي المعز لدين الله الذي كان لا يزال يقيم في بلاد المغرب، وذلك تمهيداً لانتقاله إلى مصر. وبعد الانتهاء من بناء المدينة سماها جوهر باسم المنصورية نسبة إلى الخليفة المنصور الفاطمي والد الخليفة المعز لدين الله وظلت تعرف بهذا الاسم حتى قدم الخليفة المعز إلى مصر فغير اسمها وجعلها القاهرة المعزية، ويرجع السبب في اختيار المعز لهذا الاسم تفاؤلاً منه بأن عاصمته الجديدة ستكون قاهرة العواصم والمدن السابقة لها جميعاً، وهو اسم يدل على القوة والمجد وهناك رأي آخر يقول إن سبب التسمية يعود إلى أن بناءها بدأ فيه عند طلوع كوكب القاهر فسميت القاهرة.
وأشار إلى أن مدينة القاهرة كانت مثل أي مدينة في العصور الوسطي لها سور خارجي وأربع جهات ويتم الدخول إليها من عدة أبواب بعضها اندثر ولم يعد قائماً مثل باب القوس، البرقية، المحروق، سعادة، القنطرة، الفرج، الخوخة ولكن لحسن الحظ فإن أبواب القاهرة لم تندثر جميعها ومازال بعضها قائماً حتى الآن مثل باب الفتوح، باب النصر، وباب زويلة، وهذه الأبواب الثلاثة تكون قطعة من أعظم التحصينات الحربية في الإسلام ولا يوجد لهذه الأبواب حالياً مثيل على الإطلاق.
وبالنسبة لباب الفتوح فسمى كذلك لأنه كما ذكرت المصادر التاريخية كان يستخدم في خروج الجيوش التي تجهزها الدولة لتأديب الخارجين عليها أو لتأمين حدودها الخارجية أو بعمل فتوحات أخرى تضم إلى مساحة الدولة. أما باب زويلة نسبة إلى قبيلة زويلة من قبائل البربر التي جاءت مع جيش جوهر الصقلي من الغرب. أما باب النصر فقد سمى كذلك لأنه كان في غالب الأمر يتم منه دخول الجيوش المسلمة التي خرجت من مصر وعادت منتصرة.
وأطلق العامة أيضاً على باب زويلة اسم بوابة المتولي، وذلك لأنه كان يجلس أمامها متولي الحسبة وهو يمثل حالياً جهاز الجمارك أو الضرائب، حيث كان يأخذ رسوما أو ضرائب على البضائع الداخلة أو الخارجة من البلاد.
يذكر أن كلا من باب الفتوح والنصر وزويلة من أعمال الأمير بدر الجمالي وزير الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ما بين سنة 480 - 484 هـ/ 1087م – 1091م.
م س د/ أ د ه
/أ ش أ/
شارع المعز لدين الله الفاطمي أكبر متحف آثار إسلامية مفتوح في العالم
مصر/شارع المعز لدين الله الفاطمي/فن و ثقافة
You have unlimited quota for this service