القاهرة في 18 أبريل /أ ش أ/ قال السفير الفرنسي في القاهرة إريك شافيليه إن التواصل الثقافي والإنساني لفرنسا مع مصر وشعبها تاريخي، موضحا أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا إلى مصر، فتحت آفاق امتداد لها في المستقبل تكنولوجيا وتعليميا .
وأضاف السفير الفرنسي في القاهرة -في مقابلة مع الإذاعة المصرية- إن العلاقات الثقافية والإنسانية بين الشعبين الفرنسي والمصري هي علاقات راسخة عبر السنين وتضرب بجذورها في أعماق التاريخ، حيث تعود إلى قرون وقرون، مشيرا إلى أن الفرنسيين مولعين بكل ما هو مصري، حيث تكشف وجوه المصريين ومواقفهم عن أصالتهم وتحضرهم، وذلك هو الأساس الراسخ للعلاقات التي تجمع بين مصر وفرنسا وشعبيهما، معربا عن اعتقاده أن الأمر المهم هو أن كلا الشعبين يعرف بعضهما البعض ويجمعهما الاحترام المتبادل في علاقة تمتد لسنوات وعقود وقرون، طويلة وهو الأمر الذي يتيح لنا الفرصة لكي نبني على هذا الاساس لتحقيق المزيد من التقدم في هذه العلاقات وهو أمر نقدره جميعا .
وأشار السفير إريك شافيليه إلى أن فرنسا تتمتع بعلاقات متميزة جدا مع مصر تمتد لما قبل الميلاد حين قدم الرومان أيام الإمبراطورية الرومانية وانبهروا بالديانة الفرعونية القديمة وطقوس أيزيس، لافتا إلى أن العلاقات بين مصر وفرنسا قوية جدا وتتميز بالإعجاب المتبادل وتتمتع بخصوصية متفردة من علاقات الصداقة بين البلدين.
كما أشار إلى أن هناك نوعا من الولع بمصر في فرنسا ولدينا في اللغة الفرنسية مصطلح "الولع بكل ما هو مصري"، ويمكننا كذلك العودة بالذاكرة لمرحلة شامبليون وهي مرحلة غاية في الأهمية من ملامح العلاقات المتميزة بين البلدين، فيما يخص مجالات مثل الآثار وعلم المصريات والتراث وكذلك حقبة حكم "محمد على باشا - بين عامي 1805 إلى 1848 "، حين أراد إقامة إمبراطورية وظهرت الحاجة لأطباء ومهندسين متخصصين وليس مجرد موظفين ولكن متخصصين في جميع مجالات الحضارة، فإنه توجه إلى الشمال ولم يتوجه إلى أي مكان آخر سوى فرنسا.
ويجب كذلك الإشارة الى مشروع حفر قناة السويس التي تشكل أحد أهم عناصر التاريخ المشترك بين مصر وفرنسا الذي تولاه فرديناند ديليسبس وهو أمر متميز جدا، حيث أن مصر كانت ولا زالت بلد مهم جدا بسبب موقعها الاستراتيجي ولكن بعد حفر قناة السويس زادت أهميتها الاستراتيجية التي ترفع من مكانة مصر لمصاف الدول ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى، فيما يخص حركة التجارة العالمية لأنها جسر هام للتواصل بين الغرب والشرق أو بالأحرى بين حضارتين فالأمر لم يكن مجرد غزو لأنه كان هناك العديد من العلماء الذين عبروا البحر المتوسط من الجنوب للشمال وإذا كنا ننسب الفضل لمحمد على فيجب علينا كذلك أن ننسب الفضل إلى آخرين ممن عبروا المتوسط مع بداية القرن العشرين مثل طه حسين وتوفيق الحكيم الذين ذهبوا للدراسة من أجل التنوير والحصول على المعرفة، وكذلك محمود سعيد الرسام الشهير، الذي عاد إلى أرض الوطن حاملا شهادة في القانون وكذلك شهادة في الفن فضلا عن أنه عاد يحمل في جعبته المعرفة والتنوير.
وأوضح أن محمد علي باشا كان متشوقا لتعزيز تلك العلاقات لأنه كان يؤمن أن هناك العديد من القواسم المشتركة بين البلدين، وكان هناك كذلك العلماء الذين رافقوا نابليون بونابرت حين قدم إلى مصر، وبالفعل حين قدم نابليون بونابرت إلى مصر حصل على معلومات من السياح الذين زاروا مصر في القرن السادس عشر أو السابع عشر أو الثامن عشر، حيث تحدثوا عن حبهم لمصر فلم يأتي غازيا فقط ولكنه أتى أيضا ومعه علماء وبعثات علمية بالفعل كان ذلك منذ ما يقرب من 220 أو 230 عاما.
كما أوضح أنه بالفعل كان ذلك منذ 200 عام في الحقيقة، حيث رفاقه علماء في جميع المجالات وأتوا إلى مصر ليس فقط للتعرف على الثقافة المصرية والشعب المصري والطبيعة المصرية ولكن أيضا للمساهمة في عملية تعزيز المعرفة عن مصر، فعلي المثال دخلت أول مطبعة إلى مصر مع تلك البعثات العلمية.
وبالنسبة لكتاب "وصف مصر" الذي يضم حوالي 22 أو 23 مجلدا، قال السفير فرنسا بالقاهرة إنه "لدينا كذلك نسخا من ذلك الكتاب في المعهد الفرنسي للآثار الشرقية الذي يحوي وصف جميل ورائع، حيث نشر في بداية القرن التاسع عشر والذي يصف بالفعل كل شئ عن مصر حتي النباتات والحيوانات وكل شئ وكان له أطيب الأثر لدى الشعب الفرنسي ولايزال يعتبر مرجعا يلجأ إليه الكثير من الناس، ونعلم أيضا أن أول علاقة بين الأطباء المصريين والأجانب كانت مع الجانب الفرنسي ".
وأضاف " لا يمكن أن ننسي كلوت بك مؤسس كلية الطب المصرية التي أقيمت في بادئ الأمر في منطقة أبو زعبل، ثم انتقلت بعد ذلك إلى القصر العيني في عام 1827 ".
وتابع قائلا " وبما أننا تحدثنا عن شامبليون فيجب أن نتذكر أنه تمكن من فك رموز حجر رشيد لأنه كان مهتما بشكل خاص باللغة القبطية القديمة لذلك فقد فاز في سباق مع العلماء البريطانيين الذين حاولوا في نفس الفترة فك رموز حجر رشيد، لكن شامبليون فاز في السباق لأنه كان يجيد اللغة القبطية وحين قدم إلى مصر أنفق وقتا طويلا في القراءة والدراسة عن مصر، ثم بعد ذلك جاء ماريات ماسبيرو وتمكن من تأسيس أول قسم للآثار في مصر والذي يديره حاليا مصريون، ففي ذلك الحين قدمنا مساعدات كبيرة في مجال تطوير الآثار ".
وحول التعاون العلمي والثقافي الحالي بين مصر وفرنسا، قال السفير الفرنسي في القاهرة إريك شافيليه إن " بعض الناس يعتقدون أن العلاقات الثقافية بين مصر وفرنسا تقتصر فقط على الآثار وعلم المصريات، وحقيقة تلك المجالات تشكل مكونا رئيسيا لتلك العلاقات ولكن الثقافة الحديثة تسهم كذلك في تعزيز أواصر الترابط بيننا، فقد ذكرت أسماءً مهمة ويمكن أن أضيف أيضا في مجال السينما المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، وكذلك اثنين من شيوخ الأزهر الشريف، وهما الشيخ عبدالحليم محمود الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون في الأربعينيات من القرن الماضي وكذلك الشيخ عبدالله دراز العالم الأزهري الشهير وكذلك شيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب، الذي يتحدث الفرنسية بطلاقة والذي تخرج من جامعة السوربون أيضا.
وأشار إلى أنه تم التوقيع خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر مؤخرا على العديد من اتفاقيات التعاون المشترك لأن الزيارة كانت تحمل طابعا ثنائيا إلى جانب الطابع الإقليمي، حيث وقع الطرفان على ثماني اتفاقيات تعاون في العديد من المجالات مثل الاقتصاد والصناعة والتعليم والتعليم العالي والصحة والتعاون الدولي ومنها على سبيل المثال ولأول مرة في التاريخ تم إنشاء فرع في مصر لمعهد "جوستاف روسي" وهو واحد من أفضل مؤسسات علاج الأورام في أوروبا، وكذلك وقع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على اتفاقية للارتقاء بالعلاقات المشتركة إلى المستوى الاستراتيجي وهو أمر غاية في الأهمية، يسهم في تعزيز العلاقات في جميع المجالات، كما قام الرئيسان بحضور اجتماع لرجال الأعمال ضم 900 من كبار رجال الأعمال الفرنسيين والمصريين يعملون في العديد من القطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والابتكار والرعاية الصحية والطاقة الخضراء، ثم قام الزعيمان كذلك بزيارة الخط الثالث لمترو الانفاق المصري، حيث أردنا إثبات أن العلاقات بين البلدين لها نتائج إيجابية ومكاسب ملموسة للشعب المصري.
وأشار إلى أن الشركة الفرنسية التي تدير مترو الأنفاق في القاهرة الكبرى، هي نفس الشركة التي تديره في العاصمة الفرنسية باريس، ثم قام الرئيس إيمانويل ماكرون بعد ذلك بزيارة جامعة القاهرة لإثبات التزامنا بتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، موضحا أنه تم توقيع 40 اتفاقية تعاون بين الجامعات الفرنسية ونظيراتها المصرية في جميع المجالات لتعزيز الجهود بين البلدين في مجال البحث العلمي والمناهج، كما نسعى لمنح هؤلاء الشباب فرصة للدراسة في اطار علاقات التعاون مع فرنسا، ونطمح في توقيع حوالي 30 اتفاقية أخرى خلال الأشهر القليلة القادمة وهو أمر غير مسبوق أن يتوصل البلدان لمثل هذا العدد من الاتفاقيات.
يشار إلى أن سفير فرنسا في القاهرة إريك شافيليه وهو دبلوماسي مخضرم، يتمتع بتاريخ طويل ليس فقط لأنه تخرج من المعهد الدبلوماسي ولكنه حاصل على شهادة من كلية الطب وتقلد مناصب في وزارة الصحة الفرنسية وتولي منصب مساعد الوزير كوشنر، ثم أصبح وزيرا للصحة، ثم وزيرا للشئون الخارجية، ثم توجه إلى مسار جديد ليدخل عالم الدبلوماسية، حيث صار سفيرا متميزا لبلاده في دمشق والدوحة وبغداد وحاليا سفيرا لبلاده في القاهرة .
م ي م
أ ش أ
سفير فرنسا بالقاهرة: تواصلنا الثقافي والإنساني مع مصر وشعبها " تاريخي ".. وزيارة ماكرون فتحت آفاقا جديدة
مصر/مصر/فرنسا/سفير/سياسة
You have unlimited quota for this service