القاهرة في 8 مارس/أ ش أ/ تقرير إخباري..... أحمد تركي
في إطار جهودها المستمرة لجذب الاستثمارات وتقديم المنح والحوافز للمستثمرين، عقد مجلس إدارة الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بسلطنة عُمان، الاجتماع الأول لعام 2025، واقرت الهيئة منح حوافز إضافية للمستثمرين من خلال تخفيض القيمة الإيجارية لعدة سنوات للمشاريع الجديدة في مدينة عبري الصناعية ومدينة صور الصناعية ومدينة محاس الصناعية، كما تم تخفيض القيمة الإيجارية وإعفاء للسنوات الأولى للمشاريع الجديدة في عدد من المدن الصناعية قيد الإنشاء في مدينة المضيبي الصناعية ومدينة السويق الصناعية ومدينة مدحاء الصناعية.
وكشفت تقارير اقتصادية، عن ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لسلطنة عُمان خلال السنوات الخمس الماضية حيث تجاوزت 17.6 بالمائة لتبلغ القيمة التراكمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة 26.677 مليار ريال عُماني حتى الربع الثالث من عام 2024. يعكس هذا النمو المتسارع نجاح سلطنة عُمان في تعزيز مكانتها كمركز عالمي جاذب للاستثمار، مدعومًا بمبادرات استراتيجية وبيئة استثمارية محفزة وبنية أساسية متطورة.
شكلت توجيهات السلطان هيثم بن طارق، المتعلقة بتطوير البيئة الاستثمارية، دافعًا قويًّا لبناء مستقبل اقتصادي واعد، مدعوم باستراتيجيات واضحة ومتكاملة، إذ تدل المؤشرات الإيجابية لقطاع الاستثمار على نجاح هذه السياسات والمبادرات التي انتهجتها سلطنة عُمان في توفير مناخ متكامل لاستقطاب المشروعات الاستثمارية.
كما أن الإجراءات المتخذة بشأن استكمال إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة تعكس حرص الحكومة على توفير بيئة قانونية مستقرة تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، مشيرًا إلى أن الوزارة ملتزمة بتقديم التسهيلات اللازمة والحوافز التنافسية لتسهّل على المستثمرين ممارسة الأعمال التجارية في بيئة ديناميكية.
ولا شك أن تطوير البيئة الاستثمارية والتجارية يُعد من الأولويات الرئيسة لدفع عجلة التنمية المستدامة، إذ تعمل الحكومة العُمانية على تنفيذ مجموعة من المبادرات لتنويع الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل في مختلف القطاعات.
فضلاُ عن أن قطاع الاستثمار في سلطنة عُمان يعمل على مراجعة سياسات الاستثمار وقوانينه وحوافزه وتقييمها والعمل على الترويج للاستثمار الأجنبي من خلال المشاركات الترويجية المحلية والإقليمية والدولية في المعارض والمنتديات الاستثمارية المهمة وتنفيذ الحملات التسويقية لاستقطاب المستثمرين.
كما أن الفرص الاستثمارية يتم تأطيرها وتعزيزها بدراسات جدوى ومن ثم إتاحتها للمستثمرين من أجل تعزيز الاستثمار في القطاعات المستهدفة وتسريع وتيرة جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لسلطنة عُمان وتنمية مصادر التنويع الاقتصادي وتعزيز حجم الإيرادات غير النفطية في الناتج المحلي بما ينعكس إيجابًا على ثقة المستثمرين ويعزز المؤشرات التنافسية لسلطنة عُمان.
ولا تنفك عُمان عن طرح مبادرات مبتكرة للوصول إلى الأسواق العالمية ، والتي لن يكون آخرها مبادرة "صادرات عُمان" والتي تم تدشينها على هامش فعاليات ملتقى "معًا نتقدم" الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتهدف المبادرة إلى تقديم مجموعة من الخدمات التي تهم المصدّر العُماني وربط الشركات العُمانية بالأسواق العالمية وتعزيز قطاع الصادرات غير النفطية في سلطنة عُمان.
تأتي "صادرات عُمان " في الوقت الذي يبلغ فيه حجم التجارة غير النفطية لسلطنة عُمان 14.6 مليار دولار أمريكي بنهاية الربع الثالث من عام 2024، مشكلةً ما نسبته 37.6% من إجمالي حجم التجارة، وتصدّر الشركات العُمانية من مسندم إلى ظفار المعادن، والبلاستيك، والمطاط، والمنتجات البحرية، والأغذية، والعطور، والمنسوجات، والسلع الصناعية، والمعادن لأكثر من 130 دولة، مع التركيز على الأسواق الرئيسية مثل المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية الهند، والولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية كوريا الجنوبية.
ولا شك أن تدشين "صادرات عُمان" يأتي من منطلق استراتيجي يهدف لفتح أسواق جديدة للمصدرين العُمانيين وللشركات وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تتطلع لتنمية قاعدتها التصديرية وتوسيع نطاق وصول منتجاتها عالميا، وتمثل هذه المبادرة نقلة نوعية في دعم الصادرات الوطنية، حيث تتضمن منصة إلكترونية متطورة توفر أدوات رقمية متكاملة، إلى جانب نقاط تواصل مباشرة مع المختصين، مما يمنح الشركات الدعم والإرشاد اللازمين لتحقيق نجاحات ملموسة على المستوى الدولي.
وتشير الإحصائيات إلى أن قطاع التصدير ساهم في زيادة أرباح الشركات بنسبة تصل إلى 26% عبر الوصول إلى أسواق جديدة، خصوصًا في الاقتصادات الناشئة التي يُتوقع أن تسهم بنسبة 65% من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2035، كما تُسهم التقنيات الرقمية في جعل التجارة الدولية أكثر كفاءة من خلال تقليل تكاليف النقل، وتبسيط سلاسل التوريد، وتحسين تتبع المنتجات من المخازن حتى العملاء، وأصبح بإمكان المصدّرين العُمانيين الآن التحقق الفوري من الشحنات، وتحسين مسارات التوصيل، وتقديم تحديثات لحظية للمشترين، مما يجعل عمليات التصدير أسهل وأقل تكلفة من أي وقت مضى.
وهنا يأتي دور جهاز الاستثمار العُماني، كمحرك اقتصادي يتجاوز إدارة الأصول إلى تعزيز النمو المُستدام ودعم المستهدفات الوطنية لرؤية عُمان 2040، حيث ينشد التكامل مع المؤسسات الحكومية والخاصة من أجل تعزيز الاستثمارات داخل القطاعات المحلية؛ للإسهام في تحقيق التنويع الاقتصادي وإيجاد فرص استثمارية واعدة، كما تسهم شراكاته الإستراتيجية الدولية في تحقيق العوائد المالية من جهة، ومن جهة أخرى تحقيق البُعد العُماني بإعادة توجيهها أو جلب تقنياتها إلى القطاعات المحلية، بما يُسهم في تنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص عمل وأعمال للشباب وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
يُعد الجهاز الذي تأسس عام 2020، مؤسسة اقتصادية استراتيجية تتولى إدارة وتنمية أصول سلطنة عُمان المحلية والدولية، بما ينسجم مع أهداف "رؤية عمان 2040". يهدف الجهاز إلى تعزيز التنويع الاقتصادي، والنمو المستدام واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتمكين القطاع الخاص.
تتكون محافظ أصول الجهاز من محفظتين أساسيتين؛ الأولى هي "محفظة الأجيال" التي تشكل أربعين بالمئة من الأصول وتستثمر في 40 دولة عبر قطاعات متنوعة، بينما الثانية هي "محفظة التنمية الوطنية" التي تمثل ستين بالمئة من الأصول وتضُم أكثر من 160 شركة تعمل في مُختلف القطاعات بهدف تنويع الاستثمارات وتقليل الاعتماد على النفط.
يُركز جهاز الاستثمار العماني على التخارج من بعض استثماراته المحلية عبر تحويلها إلى شركات مساهمة عامة أو بيع حصص منها، بهدف تعزيز الاقتصاد وزيادة نشاط بورصة مسقط. تهدف هذه الخطوة إلى دعم تصنيف السوق كأحد الأسواق الناشئة وتعزيز الحوكمة والشفافية. كما تُسهم هذه السياسة في توسيع قاعدة التملك في الأصول الحكومية، وتكامل القطاع الخاص مع الاقتصاد، مما يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتنمية العوائد الاستثمارية للمواطنين والمقيمين.
وقد دشّن جهاز الاستثمار العُماني رسميًّا صندوق عُمان المستقبل في 17 يناير 2024 برأس مال يبلغ ملياري ريال عُماني يُقسم على مدى خمس سنوات بمعدل 400 مليون ريال عُماني سنويًّا، ويوزّع إلى 90 بالمائة للمشروعات الاستثمارية المباشرة الجديدة أو القائمة التي تكون مجدية تجاريًّا واقتصاديًّا وتستوفي نتائج دراسة الجدوى، و10 بالمائة للمؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة والشركات الناشئة.
يهدف إنشاء صندوق عُمان المستقبل إلى النهوض بالقطاعات الاقتصادية المستهدفة، حيث يُعد الصندوق ممكنًا رئيسًا لتحفيز نمو الاقتصاد الوطني، وشريكًا موثوقًا به للمستثمرين المحليين والدوليين الراغبين في توسيع نطاق مشروعاتهم في الاقتصاد العُماني أو الدخول إلى السوق العُماني.
وسيُسهم صندوق عُمان المستقبل في التكامل مع القطاع الخاص، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تحفيز منظومة الاستثمار الجريء في سلطنة عُمان، وسيكون الصندوق بمثابة محفظة ثالثة للجهاز إلى جانب المحفظتين الاستثماريتين الحاليتين (التنمية الوطنية) و(الأجيال).
يذكر أن جهاز الاستثمار العُماني يمتلك عدة استثمارات موزعة على قارات العالم في أكثر من ٥٠ دولة حول العالم، ويعمل على تفعيل محافظ محلية تقدر بنسبة ٦١٪ وتتمثل في محفظة التنمية الوطنية وصندوق عمان المستقبل، إلى جانب المحفظة الخارجية والتي تقدر بنسبة ٣٩٪ وتتمثل بمحفظة الأجيال، بالإضافة إلى ٩ شراكات استراتيجية قام الجهاز ببنائها لتعزيز العلاقات الاستثمارية مع مختلف الدول.
س.ع
/أ ش أ/