• ترامب
    ترامب


تقرير: أحمد تركي
أضفت سخونة الأجواء الانتخابية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن في السباق نحو البيت الأبيض، مزيداً من الأهمية المحورية لانتخابات الكونجرس الأمريكى بمجلسيه النواب والشيوخ، لتزامنها مع الانتخابات الرئاسية ، فعندما يتوجه الناخبون الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع فى الثالث من نوفمبر المقبل، لن يقوموا بالاقتراع لانتخاب رئيس لأمريكا فحسب ، بل سيختارون أيضا 435 عضوا فى مجلس النواب، كما سيختارون ثلث أعضاء مجلس الشيوخ المائة .
وعلى الرغم من اقتراب ماراثون السباق الرئاسي من أمتاره الأخيرة وارتفاع الانفاق عليها بشكل لم يسبق له مثيل في ايه انتخابات أمريكية سابقة ، تظل انتخابات الكونجرس مهمة ومحورية وذات دلالات كبيرة، لأن نتائجها تحدد مسارات واتجاهات صانع السياسة الأمريكية بشكل عام، فإما مجلس تشريعى معوق ومعارض لقرارات الرئيس، وإما مجلس داعم لسياسات الرئيس القادم.
وبشكل عام يؤكد المحللون السياسيون وخبراء الانتخابات فى الولايات المتحده ان المعايير المرشحة لاختيارات الناخب الأمريكي في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لإدارة جديدة سواء ديمقراطية أو جمهورية، لن تكون محكومة بالقوة الانفاقية على الدعاية الانتخابية، بقدر ما هي محكومة بأداء الحزب الذي يتولى إدارة البيت الأبيض، والأحداث السياسية، والأوضاع الاقتصادية، ونجاحات السياسة الخارجية وإخفاقاتها، والاضطرابات الاجتماعية، والسياسات المبتكرة، والقدرة على معالجة الأزمات والكوارث.
ووفقاً للدستور الأمريكى، تتشارك كل من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، فى صنع وتنفيذ القرار من خلال مبدأ الفصل بين السلطات، الذي منح المواطنين الحرية فى انتخاب رئيس من أي حزب، وفي نفس الوقت يصوت لصالح سيناتور من الحزب الآخر، ويختار نائبا قد لا ينتمى لأى من الحزبين "الديمقراطي والجمهوري".
ويتألف الكونجرس من مجلسين : مجلس النواب ومجلس الشيوخ.، حيث يخوض كل أعضاء مجلس النواب الـ 435 الذي يسيطر الديمقراطيون على الأغلبية فيه، السباق الانتخابي للحفاظ على مقاعدهم، بينما يخوض 35 عضواً بمجلس الشيوخ فقط من أصل مائة السباق هذا العام، 23 منهم من الحزب الجمهوري و12 فقط من الحزب الديمقراطي.
وقد أنشئ المجلس الأول (مجلس النواب) ليكون الهيئة الأقرب إلى المواطنين، ولينتخب من الشعب مباشرة فى دوائر صغيرة نسبيا تحدد حسب أعداد السكان عبر انتخابات متكررة (كل سنتين) ويملك الديمقراطيون اليوم الغالبية في المجلس، ويرجح خبراء استمرار أغلبية الحزب الديمقراطي بعد انتخابات الثالث من نوفمبر القادم.
أما مجلس الشيوخ، فقد أنشئ بطريقة تعكس مصالح الولايات بحيث تتمثل كل ولاية ـ بغض النظر عن عدد سكانها ـ بمقعدين فى هذا المجلس، وتكون مدة ولاية عضو مجلس الشيوخ ست سنوات، ويتدرج انتخاب ثلث أعضاء هذا المجلس كل سنتين.
وفي حال انتخب بايدن رئيساً وحاز الديمقراطيون الغالبية في مجلس الشيوخ، فسيمسك الحزب والديمقراطيون للمرة الأولى منذ بداية عهد باراك أوباما بكل مقاليد السلطة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب مراقبين ، ثمة إشكاليات ومعادلات تطرحها عملية انتخابات الكونجرس الأمريكي ، في ذات التوقيت للانتخابات الرئاسية، حيث ينتج عنها انكشاف ملامح جديدة من مراحل صنع السياسة الأمريكية خارجياً وداخلياً ، ويرجح المراقبون أن يتمكن الديمقراطيون من الحفاظ على أغلبيتهم في مجلس النواب، بل وزيادتها في هذه الانتخابات، في ضوء خسارة الجمهوريين لنحو أربعين مقعداً في انتخابات التجديد النصفي عام 2018، إذ تشير استطلاعات الرأي الأمريكي إلى أنهم سيخسرون مقاعد خلال انتخابات العام الحالي، ليعزز الديمقراطيون أغلبيتهم في مجلس النواب، والذي يتمتع حالياً بـ237 مقعداً مقابل 197 للجمهوريين ومقعد شاغر واحد.
أما في مجلس الشيوخ، فإن الديمقراطيين الذين يحتلون اليوم 47 مقعداً، يحتاجون لانتزاع أربعة مقاعد من الجمهوريين، الذين يحتلون 53 مقعداً في ذات المجلس، وذلك حتى تكون لهم الأغلبية في مجلس الشيوخ.
وفي حال فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة، فيكفي الديمقراطيين الفوز بثلاثة مقاعد فقط ليحققوا التعادل مع الجمهوريين في المجلس، إذ تدلي نائبة الرئيس كمالا هاريس حينها بالصوت الفاصل في القضايا الحساسة.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه وتيرة وحدة الصراع بين ترامب وبايدن لحسم أصوات الولايات المتأرجحة، وهي فلوريدا ونورث كارولينا وأيوا، يحتدم السباق في انتخابات مجلس الشيوخ في عشرة ولايات متأرجحة، أبرزها ولاية ساوث كارولاينا، ولعل هذه الولاية تجسد المشكلة التي يعاني منها الجمهوريون في الحفاظ على مقاعدهم في المجلس.
فبينما يشير تقرير لمؤسسة (كوك بوليتيكال) الأمريكية غير الحزبية إلى أن الديمقراطيين قد يخسرون مقعداً واحداً فقط في السباق، يرجح التقرير خسارة الجمهوريين في سبع ولايات على الأقل ، ما يزيد احتمالات فوز الديمقراطيين بالأغلبية في المجلس ، الأمر الذي سيشكل معوقاً رئيسياً ويؤرق ترامب في حال فوزه، ويقلل من فرص تمريره لأي مشروع يدعمه، أو يشكل داعماً ورافداً يمهد الطريق أمام بايدن لتنفيذ أجندته الانتخابية، في حال وصوله إلى البيت الأبيض.
وخلال ماراثون الانتخابات الرئاسية والتشريعية ، ستكون أمريكا أيضاً على موعد مع انتخابات الحكام في الولايات، فمن المقرر أن تنتخب إحدى عشر ولاية من الولايات الخمسين حكاماً جدداً، يتمتع الحاكم فيها بسلطات تنفيذية على مستوى الولاية تتعلق بكثير من الاختصاصات التي ليست من صلاحية الحكومة الفيدرالية.
كما يصوت الأمريكيون أيضاً على مشاريع محلية، وسيجري تجديد آلاف المناصب على المستوى المحلي، من مجالس تشريعية في الولايات وقضاة ورؤساء بلديات ومجالس بلديات، وسيجري أيضاً إخضاع إصلاحات للشرطة لتصويت الناخبين في مدن ومناطق عدة، بعد شهور من وفاة الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد.