القاهرة في 2 فبراير /أ ش أ/ أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن مصر سوف تظل حريصة على التحرك لوقف أي تصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكنها سوف تكون أكثر حرصاً على أن يكون هذا التحرك تمهيداً لعملية سياسية تحقق مصالح وأمن جميع الأطراف.
وقال إبراهيم - في مقال نشرته صحيفة الأهرام بعددها الصادر اليوم /الخميس/ - إنه سوف يظل ممتناً ومقدراً بل ومتحيزاً للموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية حيث أن مصر لم تتخل طوال عقود مضت وحتى الآن عن تقديم كل الدعم الممكن لهذه القضية.
وأضاف "وسوف أكرر مقولتي بأن مصر لن يهنأ لها بال حتى ترى الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وأن يتحقق ذلك على مائدة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وأشار إلى موقفين رئيسيين ارتبطا بالتحركات المصرية خلال الأيام الماضية، الأول لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع وزير الخارجية الأمريكي في القاهرة يوم 30 يناير وتأكيده أهمية وقف التصعيد وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، ثم إيفاد مبعوث رفيع المستوى إلى رام الله ونقل رسالة دعم للسلطة والقضية الفلسطينية إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقد جاءت هذه التحركات عقب تصاعد التوتر مؤخراً بين إسرائيل والفلسطينيين، ولاسيما في جنين والقدس، وبما كان ينذر باحتمالات انفجار الموقف.
وأكد أن دوامة العنف التي تشهدها المناطق الفلسطينية لن تتوقف مادام الشعب الفلسطيني يفقد يوماً بعد يوم كل طموحاته في أن يحصل على أقل حقوقه وأن يعيش في دولة مستقلة مثل جميع دول العالم، وأن الإجراءات الإسرائيلية العنيفة تجاه الفلسطينيين والتي تشمل الاعتقال والقتل وهدم منازل والتهجير والاستيطان واقتحامات المدن الفلسطينية والمسجد الأقصى سوف تدفع الفلسطينيين حتماً إلى الرد عليها بأي وسيلة يمكن أن يصلوا إليها.
وقال إبراهيم: "لاشك أننا ضد قتل الأبرياء في أي مكان في العالم وهذا هو موقفنا الثابت، إلا أنه يجب على القادة الإسرائيليين أن يتساءلوا بينهم وبين أنفسهم ولو لمرة واحدة عن الأسباب التي تدفع الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين، ثم عليهم أن يتساءلوا أيضاً ماذا سوف يكون عليه الوضع إذا حصل الفلسطينيون على حقوقهم وانتهت أسباب الصراع، وفي تقديري أن الإجابة التي يمكن أن يصل إليها الساسة الإسرائيليون إذا ما فكروا بمنطقية وعقلانية سوف تقودهم إلى نتيجة واحدة وهي أن دوامة العنف سوف تتوقف، وأن المنطقة ستشهد تعايشاً سلمياً بين دولتين جارتين يحتاج كل منهما للأخرى. وإذا كنا نركز بشكل كبير على وقف التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ونجد أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي كله يتحرك صوب مصر لمساعدتها في احتواء أي توتر، فإن هذا يعد أمراً طبيعياً في ضوء ما تمتلكه مصر من قدرات وخبرات وعلاقات تمكنها من التواصل الفعال مع جميع الأطراف وتنجح في وقف التصعيد، ولنا في الموقف المصري تجاه الحروب الإسرائيلية الخمس على قطاع غزة منذ عام 2008 وحتى عام 2022 خير مثال على ذلك، حيث أن مصر كانت هي الدولة المحورية في التوصل إلى التهدئة التي أنهت تلك الحروب، فهذه هي مصر وهذه هى مكانتها الإقليمية والدولية.
وتابع أنه بالرغم من هذا الجهد المصري المتفرد والناجح لوقف التصعيد، فإنني أؤكد أن موقف مصر في هذا الشأن لا يمثل هدفها النهائي حيث أن القناعة والسياسة المصرية تتمثل في أن التهدئة تعد أمراً مؤقتاً يجب أن يمهد إلى حل سياسي دائم وعادل حتى لاتتكرر مآسي ونتائج التصعيد، وهنا نلاحظ أن القيادة السياسية المصرية لا تترك أي فرصة إلا وتؤكد خلالها أن استقرار وأمن المنطقة يرتبط بحصول الفلسطينيين على حقوقهم طبقاً لمقررات الشرعية الدولية.
وجدد إبراهيم التأكيد على أن مصر سوف تظل حريصة على التحرك لوقف أي تصعيد، ولكنها سوف تكون أكثر حرصاً على أن يكون هذا التحرك تمهيداً لعملية سياسية تحقق مصالح وأمن جميع الأطراف.. وقال: "كم أتمنى أن يكون هذا الموقف المصري الموضوعي قائماً لدى الجانبين الإسرائيلي والأمريكي، ولكنني أرى في هذا الشأن نقطتين أساسيتين الأولى أن الولايات المتحدة تتحرك لوقف التصعيد أكثر بكثير من تحركها في اتجاه الحل السياسي، حيث تؤكد تبنيها مبدأ حل الدولتين دون أي خطوات تنفيذية وتعارض بهدوء الخطوات الأحادية الجانب، ثم ينتهي الموقف الأمريكي عند هذا الحد".
وأضاف أن النقطة الثانية هي أن وقف التصعيد بالنسبة لإسرائيل يعد هدفها النهائي وهذا هو الخطأ والخطر الجسيم الذي سوف يؤدي إلى استمرار العنف، بل سيدفع الأمور إلى مزيد من التدهور غير المحسوب مادمنا في وضع يفتقد إلى أي أفق سياسي.
واستطرد بقوله: "وبالتالي فإن معطيات الوضع الحالي تؤكد أن كل عوامل انفجار الموقف بين الإسرائيليين والفلسطينيين مازالت قائمة وواضحة ويمكن أن تمتد في أي وقت إلى قطاع غزة، ولعل القراءة الموضوعية لتطورات الموقف في المناطق الفلسطينية لابد أن تدفع الأطراف إلى ضرورة الإسراع في التحرك على مسارين متوازيين الأول الحفاظ على التهدئة ووقف أي تصعيد، والثاني وهو في رأيي الأهم والأصعب فهو المسار السياسي الذي يجب الانخراط فيه مهما تكن تعقيداته، وعلينا ألا ننسى أن مصر وقعت أول معاهدة سلام فى المنطقة مع مناحم بيجين".
وخلص اللواء محمد إبراهيم إلى أنه "يجب ألا نتوقف عند العوامل المحبطة للتحرك مثل التوجهات المتطرفة للحكومة الإسرائيلية الحالية وانشغال الإدارة الأمريكية بقضايا أهم من القضية الفلسطينية أو الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل أو حتى الانقسام الفلسطيني، بل علينا أن نقفز قدر المستطاع إلى مرحلة تحرك سياسي يركز على استئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وهذا هو الهدف التكتيكي الذي يجب إنجازه خلال الفترة المقبلة بجهد مصري في الأساس".
واختتم مقاله بالقول: "وفي النهاية على إسرائيل أن تعلم أن السلام والأمن الذي تنشده لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية، وليس باستمرار الاحتلال أو بتوسيع دائرة التطبيع العربي والإسلامي أو حتى بمواجهة إيران".
إ س
/أ ش أ/
اللواء محمد إبراهيم: مصر حريصة على وقف التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين
مصر/مقال/سياسة
You have unlimited quota for this service