• "وابور الترجمان".. رواية جديدة للكاتب محمد زيان ترصد حكاية الحي الشعبي في بولاق أبوالعلا

القاهرة في 26 يناير /أ ش أ/ صدرت للكاتب الصحفي محمد زيان، نائب مدير التحرير بمؤسسة (أخبار اليوم)، رواية جديدة بعنوان (وابور الترجمان.. المال والسياسة في بولاق أبوالعلا)، عن دار المثقف للنشر والتوزيع.
وترصد الرواية حكاية الحي الشعبي، والعلاقات الاجتماعية بين السكان في حي بولاق أبوالعلا التاريخي، وطبيعة الحياة في هذا الحي الشعبي وعلاقات السكان، وحياة التجارة التي يعيشونها، فمعظم سكان الحي يعملون في تجارة الخردة والبالة والمقاهي المنتشرة في هذا الحي أكثر من البشر، فبين كل مقهى وآخر يوجد مقهى، وتشابكات العلاقات الاجتماعية بين التجار وبعضهم البعض، وطموح الحي وأهله ورجاله الأقدمين وهيبتهم وتاريخهم الذي سار مع تاريخ الحي العامر بالبطولات والحكايات، فضلًا عن أهميته.
وتقدم الرواية تشريحًا اجتماعيًا للحياة داخل المجتمع البولاقي في صورة أدبية تسرد تاريخ الحي القديم الذي اشتهر بالقيم والشهامة والعادات والتقاليد، والوقوف في وجه الاحتلال عبر رجاله - الفتوات - الذين قدموا أرواحهم في مواجهة العدو، وإزالة الغبار عن صورة الفتوة الذي قدمته السينما على أنه ظالم ويأخذ الحق بالقوة ويجبر الرجال على ترك الحي، من خلال توضيح دوره الحقيقي ورسم معالم شخصيته التاريخية التي اتضحت في الحكم بالعدل ورد الحقوق لأهلها وطرد الذين يرتكبون الخطايا من مجتمع بولاق لأنهم أتوا بأخلاق ما ليس في شيم سكانه ولا تتناسب مع أهله، فكان لهذا المجتمع ما يميزه من تقاليد وأعراف، وواجه الفتوات الاحتلال الإنجليزي والفرنسي حين اندمجوا في المقاومة الوطنية بجوار الضباط الأحرار أمثال فهمي دياب وإبراهيم كروم ومحمد دسوقي ملك النار الذي كان يملك مصنع سلاح يساعد به الجيش على مقاومة الاحتلال، وقدموا نماذج في البطولة والتضحية.
ويقارن المؤلف حاضر بولاق أبوالعلا وواقعها وقيمها وتقاليدها في الماضي مع رجالها الأقدمين وما تعيشه اليوم وما آل إليه حال هذا الحي العامر القديم الممتلىء بالحكايات والتفاصيل، وطبيعة السمات الآن وعلاقاتهم الاجتماعية وتصرفات شباب الحي وجموع أهله وساكنيه، والتي تختلف عن سكانه السابقين، فقد تغيرت القيم والعادات والتقاليد في هذا الحي الذي يسكنه كثير من الدروس والعبر.
وتلقي الرواية الضوء على طبيعة الحياة داخل مجتمع يحمل بداخله كل الطبقات الاجتماعية من تجار وعمال وصنايعية ونواب ورجال أعمال يعيشون جميعهم في حي واحد، وحين يجن الليل يسكنون في أماكن مختلفة، فضلًا عن الطبيعة الجاذبة للحي لكل من يعيشون به، والذين حتى وإن عاشوا خارجه فإنهم يرجعون إليه مرة أخرى، يعيشون نهارهم في الحي ويسكنون ليلهم في بيوتهم التي تقع في أحياء الزمالك والمهندسين وإمبابة.
ويلقي المؤلف- في روايته- الضوء على المقاهي القديمة المنتشرة في حي بولاق أبوالعلا وتاريخها، والتي لها تأثير في المجتمع البولاقي من خلال رجالها وأصحابها الذين كانت لهم أسماء في القديم ومعروفون ويشتهر كل واحد منهم بخصال وأفعال ومواقف فرضت على أهل حي بولاق أبوالعلا أن يبقى اسمه حاضرًا حتى هذا الوقت، أمثال مقهى الفلاح وسلامة صبرة ودلايل وزعرورة ومقهى زوبة، وما تركه رجال هذه المقاهي من رجولة وشهامة وخصال ومواقف، وما كان يشتهر به كل من هذه المقاهي، مثل لعب القمار وألعاب الحظ وطبيعة المترددين عليها وما صاحبها من مواقف وأحداث، ونساء الحي منهن التي عملت "معلمة "- تدير مقهى ولها شخصية رجولية في الحق والكلمة والمواقف يهابها الرجال ويحسبون لها ألف حساب.
ويشارك زيان، في معرض القاهرة الدولي- في دورته الرابعة والخمسين- بالرواية- التي صدرت مع انطلاقة المعرض في دورته الحالية، ولديه العديد من الأعمال الأخرى التي يشارك بها عن دار المثقف للنشر والتوزيع.
وتناقش الرواية العادات والتقاليد والقيم التي عاشت بين جدران الحي القديم، وتآكلت مع مر الزمن مثل جدران الحي القديم التي تنهدم فوق ساكنيها.
وتتناول الرواية قصة الصراع على الانتخابات البرلمانية في دائرة بولاق أبوالعلا بين مرشحين كثيرين وانحصارها بين ثنائية اللواء والتاجر في تصوير الصراع بين السلطة والنفوذ، وكيف دخل البلطجي على الحي لمناصرة المرشح صاحب النفوذ والجبروت المثري من وزير الداخلية وقتذاك والذي كان يكسب الانتخابات البرلمانية بحكم علاقته المباشرة بوزير الداخلية، والسقوط المتكرر للتاجر الذي كان يكسب الأصوات، والتلاعب في صناديق الانتخابات وضرب المرشحين وأنصارهم على يد البلطجي الكبير عادل موسى الذي كان مقربًا من اللواء وينفذ مهامه.
ويرى المؤلف أن الأهمية التاريخية التي يحظى بها هذا الحي كانت وراء الكتابة عنه؛ فهو يحمل بين صفاته تنوعًا إنسانيًا ومهنيًا، حتى بين صنوف البشر الذين يعيشون فيه بين جدرانه المتهالكة، والصراعات التي تدب بينهم على المال والشهرة، فضلًا عن امتلاك هذا الحي بين دفتيه مؤسسات كبرى، وهيئات عظمي، مثل مباني المؤسسات الصحفية القومية التي تشهد على هذا الحي وتوجد في شارع الصحافة، ومبنى التليفزيون - ماسبيرو - على كورنيش النيل، والمطابع الأميرية، ومبنى وزارة الخارجية وبجوارها متحف العربات الملكية.
وتكشف الرواية عن تفاصيل الصراع الانتخابي الذي شهدته بولاق أبوالعلا، واستخدام المال والنفوذ في تغيير الواقع، وكيف تعامل أهالي بولاق مع هذا المشهد الذي ظل يخيم على الحي لفترة طويلة منذ عام 1995 وحتى سنة 2010، وكيف كان الصراع الانتخابي ينفجر بين رجل الأعمال واللواء عطية الخولي- اللواء السابق- في وزارة الداخلية صاحب النفوذ والجبروت، الذي يسخر علاقاته بالوزير وبلطجيته في تغيير المعادلة لصالحه، وكيف كان يجبر أهالي الحي على تعليق لافتاته ودعايته بالقوة والجبروت، وكيف كان ينجح رغم هزيمته، وصراعه مع تاجر السيارات الشهير محمد حسان وتكسير معرضه وممارسة البلطجة عليه، وكيف فرض قوته وعضلاته في الدائرة.
وترصد الرواية تجربة المرأة في خوض الانتخابات البرلمانية في دائرة بولاق أبوالعلا، حين نزلت المرشحة أماني شيحة الصحفية الحزبية في مواجهة اللواء، وتفاصيل ما جرى من تكسير حملتها الانتخابية، وإسقاطها في مواجهته رغم علاقاتها بدوائر عليا في الدولة- وقتذاك- فقد كانت عضو المجلس القومي للمرأة، وتربطها بزوجة الرئيس في هذا العصر علاقة قوية أكدت لها نجاحها في بولاق أبوالعلا.
وتكشف الرواية إمبراطورية تجارة المخدرات المنتشرة في بولاق أبوالعلا، ورموزها وأبطالها والذين حاربهم اللواء صاحب النفوذ وقضى على تجارتهم وأدخلهم إلى السجون، ومنهم الملكة فريدة صاحبة البيت الأبيض التي كانت أشهر بائعة برشام بالجملة في مصر، وتفاصيل اعتقالها وتوبتها عن تجارة المخدرات.
وكان الكاتب الصحفي محمد زيان قد حصل على الماجستير من مدرسة العبيات للصحافة والتواصل والعلاقات الدولية بباريس (ESJ Paris)، ويعمل مدرسًا لمادة الصحافة المكتوبة بالمدرسة التي تعد أقدم مدرسة للصحافة في العالم، حيث أنشأت عام 1899، ودرس بها عظماء ومشاهير، أمثال أناتول فرانس، وتشارلز بيجي، ورومان رولان والملحنون غابرييل فوري، وكلود ديبوسي، وموريس رافيل، وصحفيون كبار، أمثال جورج بوردون، وجورج كومبو، وجورج جوردين، والمؤلفين مثل ليون زيتون، وباتريك دي كاروليس، وبرنارد ويربر أو حتى فيليب دجيان وجيرار دي فيلييه.
أ د ه/س.ع
/أ ش أ/