واصلت الدبلوماسية المصرية خلال العام الذي أوشك على الانتهاء جهودها ومساعيها، التي انطلقت منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد في يونيو 2014، لتعزيز وترسيخ ثقل مصر ودورها المحوري إقليميًا ودوليًا.
نجاح أداء الدبلوماسية المصرية وتنامي قدرتها على توظيف وتطوير أدواتها استمد زخمًا إيجابيًا من رؤية القيادة السياسية الحكيمة، للأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكًا لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها.
وفيما يشهد النظام العالمي تغيرات دقيقة حادة وعميقة في جوهرها وتأثيراتها وفي نمط العلاقات بين القوى العظمى، فقد جاءت تحركات الدبلوماسية المصرية لتعكس قدرتها على التفاعل والانخراط بإيجابية لتقليص حجم التحديات الناحمة عن هذه المتغيرات، وإضعاف تأثيرها السلبي على الأمن القومي العربي وعلى الوضع الاقتصادي الداخلي.
واستثمرت الدبلوماسية المصرية ما وصلت إليه الدولة المصرية في ظل قيادة الرئيس السيسي من قوة عسكرية وسياسية، للتحرك بمرونة مع مختلف القوى العظمى وفي الأطر الإقليمية ذات الصلة بدوائر السياسة الخارجية المصرية.
ولم يكن مستغربًا في هذا الإطار أن تكون مصر الطرف الإقليمي الحاضر بقوة وفاعلية ليس فقط على الصعيد الثنائي، بل وفي القمم الجماعية التي جمعت بين قوى كبرى والدول العربية والإفريقية.
وجاءت استضافة مصر لأضخم حدث دولي في عام 2022 من حيث حجم ومستوى المشاركة والمتمثل في الدورة الـ 27 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (COP27)؛ ليعطى إشارات بالغة الدلالة على مدى إدراك المجتمع الدولي وأقطابه لأهمية الدور المصري وضرورة انخراط الدولة المصرية، والاستماع لرؤاها من أجل تحقيق الاستقرار في الحاضر وفي صناعة المستقبل.
استقرار راسخ وتنمية شاملة في إطار الجمهورية الجديدة انعكس بالتبعية في تحركات واعية لبوصلة سياسة مصر الخارجية التي باتت واضحة الملامح في توجهاتها، وزادت من ثقتها في تحركاتها الدولية والإقليمية في منطقة تموج بالاضطرابات والعواصف السياسية.
ونجحت مصر خلال ثمانِ سنوات من العمل الشاق والعزيمة الصادقة في أن تتبوأ دورها الإقليمي المحوري، الذي يسعى إليها بقدر ما فرض عليها وأخلصت فيه بلا تَزيُّد، وتمكَّنت باقتدار، من أن تنتقل من مرحلة استعادة التوازن إلى استعادة التأثير، وأن تكون طرفًا مؤثرًا في مُحيطها الإقليمي، تضع خطوطها الحمراء التي تنسج بها قوة ردع تحفظ توازن المنطقة، وتحول دون انجرافها إلى هوة الفوضى.
جهود القيادة السياسية ومن ورائها كتيبة الدبلوماسية المصرية وأجهزة ومؤسسات الدولة في إقامة علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل، وتحقيق المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشئون الداخلية، مع كافة الدول حول العالم شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا مع إعطاء أولوية للانتماء الإقليمي إفريقياً وعربياً تكللت بنجاح كبير استعادت من خلاله مصر مكانتها الدولية والإقليمية.
ندية واحترام متبادل وشراكة وقرار وطني مستقل.. تلك هي محددات السياسة الخارجية التي رسمها الرئيس السيسي في خطاب التنصيب في يونيو 2014، والذي أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة في علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقًا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصري، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية مبادئ أساسية لسياساتها الخارجية في المرحلة المقبلة، وذلك انطلاقًا من مبادئ السياسة الخارجية المصرية، القائمة على دعم السلام والاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير.
وعلى مدى السنوات الثمان جنت مصر بقيادة الرئيس السيسي ثمار سياستها الخارجية الجديدة من خلال العمل والتحرك الدبلوماسي، بشقيه الثنائي والمتعدد الأطراف بل وامتد كذلك إلى الدبلوماسية الاقتصادية والتنموية والبيئية، بخلاف دبلوماسية المناخ الذي بات مصطلحًا جديدًا فرضته التغيرات المناخية التي باتت تهدد الكوكب.
وخلال 2022 الذي يعد عامًا استثنائيًا في تاريخ مصر في ذكرى مرور 100 عام على حصول مصر على حقها في الاستقلال بموجب تصريح 28 فبراير عام 1922، حيث كان لخطوة الاستقلال نتائج بارزة تمثل أهمها في إنشاء وزارة الخارجية؛ واصلت مصر سياستها الخارجية الثابتة الخطى لتعزيز علاقاتها مع ربوع العالم.
وحرص الرئيس السيسي على المشاركة في كافة المحافل الدولية والاجتماعات والمؤتمرات والقمم الجماعية، فجاءت مشاركة سيادته في القمة الإفريقية - الأوروبية، التي عقدت في فبراير الماضي ببروكسل تحت عنوان "إفريقيا وأوروبا قارتان برؤية مشتركة حتى عام 2030"، حيث أكد الرئيس خلال فعالياتها أن الدعم المقدم إلى الدول الإفريقية بما فيها مصر لمواجهة تداعيات فيروس "كورونا" يمثل خطوة على الطريق نحو الشراكة الشاملة التي نسعى إليها في المجال الصحي.
وخلال كلمته، دعا الرئيس السيسي كذلك الشركاء من الدول الصديقة إلى تعزيز الجهود المبذولة في هذا المجال لدعم الدول الإفريقية، وتوفير الدعم اللازم والمستدام لسد الاحتياجات الصحية وأن تصبح الآليات الدولية لتوزيع اللقاحات أكثر عدالة واستجابة للظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل منها.
ودفاعًا عن مصالح القارة الإفريقية وتنميتها.. استعرض الرئيس السيسي خلال القمة الأمريكية - الإفريقية، التي عقدت منتصف الشهر الجاري بالعاصمة الأمريكية واشنطن، رؤية مصر لتعزيز الأمن الغذائي في القارة والتي تتضمن محاورها الحاجة لمراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصاديات دولنا، لاسيما الدين الخارجي.
وهو ما يفرض وضع آليات لتخفيف عبء الديون عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر، مع أهمية تكثيف الاستثمارات الزراعية الموجّهة إلى إفريقيا لتطوير القدرات الإنتاجية والتخزينية لدولها عبر توطين التكنولوجيا الحديثة بشروط مُيسرة، مع ضرورة الحفاظ على انفتاح حركة التجارة العالمية.
وتوفر اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية إطاراً لتعزيز التكامل بين دول القارة، ونأمل في دعم الدول الكبرى لدولنا لتعظيم الاستفادة منها بالاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الزراعية، فحقيقة وجود ارتباط وثيق بين الأمنين الغذائي والمائي أمر لا شك فيه، وتنظر مصر لهذا الرابط باعتباره أمناً قومياً، بما يحتم توافر الإرادة السياسية لصياغة أطر قانونية لضبط مسار التعاون بين الدول التي تتشارك الموارد المائية وبما يسهم في تحقيق التنمية دون إلحاق ضرر ذي شأن.
وقال الرئيس السيسي، خلال كلمته، إن تحقيق الأمن الغذائي يرتبط بجهود التكيّف المناخي.. مشيرا إلى عدد من النقاط ضمن مخرجات قمة المناخ التي استضافتها مصر، حيث أطلقت مصر عدداً من المبادرات في مجال تمويل التكيف، ومنها إنشاء مركز القاهرة للتعلم والتميز حول التكيف والصمود بالتعاون مع الجانب الأمريكي، بالإضافة لمبادرة "الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام" (فاست) مع منظمة الأغذية والزراعة (فاو).
وأوضح أنه تم إيلاء أهمية خاصة لمحور الوفاء بالالتزامات بالتأكيد على التزام الدول المتقدمة بتوفير تمويل 100 مليار دولار سنوياً لمواجهة تغير المناخ، كما نجح المؤتمر في إنشاء - ولأول مرة - صندوق لتمويل الدول النامية لتجاوز خسائر وأضرار تغير المناخ، والتطلع إلى بدء مسار تفعيل الصندوق بما في ذلك هيكله التمويلي.
وخلال مشاركة سيادته في القمة العربية - الصينية التي عقدت بالمملكة العربية السعودية مؤخرا.. أكد الرئيس السيسي أن التعاون العربي الصيني تأسس على تعظيم المنفعة والمصالح المشتركة ومواجهة التحديات التنموية، وتعزيز التعاون "جنوب/ جنوب" وتقديم أولويات حفظ الأمن والسلم الدوليين، وصيانة النظام الدولي المرتكز على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وشدد على أهمية إيجاد حلول سياسية سلمية للأزمات الدولية والإقليمية، واحترام خصوصية الشعوب وحقها في الاختيار دون وصاية أو تدخلات خارجية، ورفض التسييس لقضايا حقوق الإنسان، وتعزيز حوار الحضارات وتقارب الثقافات، والتعاون في مواجهة تحديات التغير المناخي وتفشي الأوبئة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة خطر الإرهاب والأفكار المتطرفة كلما وجدت وأينما كانت.
وتابع الرئيس، في كلمته، أن اجتماعنا في هذه القمة - على تلك الأسس - يكتسب رمزية وأهمية خاصة، لاسيما في هذا التوقيت الدقيق الذي يشهد متغيرات دولية وأزمات عالمية متعاقبة تلقي بتحديات بالغة الخطورة، فأمام التحديات الجسام ترتفع أهمية استدعاء كافة قدرات التعاون الكامنة بين الأصدقاء والأشقاء، لاسيما إذا كانت قائمة على أسس صلبة للتفاهم والتنسيق كتلك القائمة بين العالم العربي والصين.
وأكد الرئيس السيسي أن من أخطر ما يواجهه العالم - وبخاصة الدول النامية - اليوم، هو أزمة الغذاء وتبعاتها، وهو ما يدفعنا لتوثيق الشراكة العربية - الصينية في مواجهة هذا التحدي، عبر تعزيز أطر التعاون متعدد الأطراف لتطوير الاستجابة الدولية السريعة والفعالة لحاجات الدول النامية، والتعاون في إطار التعاون جنوب-جنوب لتطوير الزراعة والصناعات الغذائية، ونقل وتوطين التكنولوجيا وبناء القدرات وتحسين البنية التحتية في المناطق الريفية، ونقل تكنولوجيا الزراعة ونظم الري الحديثة المستدامة.
وتظل مصر تواصل تحركاتها الدبلوماسية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا لتعظيم روابطها بكافة الدول وتعزيز شركاتها الاستراتيجية مع القوى العظمى، وتلك البازغة وذلك لتعزيز مصالحها وصون أمنها القومي وتحقيق طموحات شعبها العظيم في التنمية والازدهار، بل والحفاظ على الأمن القومي العربي والإفريقي والاستقرار والسلام في ربوع العالم.
على الرغم من استمرار مصر في التحرك في إطار دوائرها التقليدية لسياستها الخارجية، باعتبار ذلك امتدادًا أصيلًا لمُقتضيات صون أمنها القومي؛ إلا أن ذلك لم يَحُلْ يومًا دون تركيز القاهرة على دوائر تحرك أخرى، فكانت الدبلوماسية المصرية حاضرة شرقًا وغربًا بشكل نشط في مُختلف التفاعلات الدولية.. تأكيدات جاءت على لسان وزير الخارجية سامح شكري في المقال الافتتاحي لمجلة "السياسة الدولية" في عددها الخاص الصادر في يناير الماضي بمناسبة مئوية وزارة الخارجية.
وأضاف شكري، في المقال، أن مصر عملت على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع كافة القوى الدولية الكبرى والبازغة في مختلف أنحاء العالم، وذلك عبر شبكة مُتشعبة من العلاقات المُتنامية، والتي تهدف إلى تعظيم المصالح المصرية مع الأطراف الفاعلة في مختلف دوائر التحرك، سواءً الأمريكية بدول قارتها الشمالية والجنوبية، أو الأوروبية في إطارها الثنائي أو من خلال الاتحاد الأوروبي، وكذا الدول الآسيوية التي تشهد معها العلاقات طفرات متوالية خلال السنوات الماضية.
وليس أدل على ما تقدم من توقيع مصر لاتفاقية تجارة حرة مع تجمع (الميركوسور) أحد أهم التكتلات الاقتصادية في أمريكا الجنوبية، وانضمام مصر عضوًا شريكًا للحوار في منظمة (شنغهاي) للتعاون في آسيا، كما كانت من بين الدول المُنشئة لمنظمة الفرانكفونية وقدَّمت أول أمين عام لها، ثم استضافت أحد أذرعها المتمثلة في جامعة سنجور في الإسكندرية.
وأكد الوزير أن القوة الناعمة لمصر كانت عنصرًا رئيسيًا مؤثرًا ومُكملًا في منظومة سياستها الخارجية، لما تزخر به مصر من إرث حضاري وثقافي متعدد الأوجه، خلق لها قَبولًا حضاريًا واسعًا في مختلف الدوائر الدولية، إضافة إلى دور أزهرها الشريف ـ جامعًا وجامعة ـ وكنيستها القبطية العريقة باعتبارهما حِصنًا حصينًا ضد غُلاة الأفكار المُتطرفة ومُروجيها.
وأشار إلى أن مصر، خلال السنوات الأخيرة، استطاعت أن تُسخِّر كافة تلك الإمكانات المُتراكمة عبر العقود الماضية، وتطويع مقومات القوى الشاملة التي تتسلح بها، مما زاد من فاعلية دورها في ترتيب الأوراق الإقليمية، ورغم ذلك حرصت مصر على أن تربأ بنفسها عن أي مخاطر غير محسوبة العواقب، أو أن تُجرَّ إلى صراعات تنكأ جراح المنطقة، وتزيد من قابلية الأوضاع فيها للاشتعال.
ولفت إلى أنه ومن جانب آخر فقد كان العمل القنصلي لوزارة الخارجية وخدمة المصريين في الخارج هو أحد الركائز الأساسية، للعمل الدبلوماسي في وزارة الخارجية.
وأكد أن الدولة المصرية لم تتوقف، في هذا الإطار عند حدود تقديم الخدمات القنصلية المُجرَّدة ورعاية أبنائها في الخارج فقط، بل عملت القيادة السياسية على أن تكون لمصر ذراعًا طولى تُجلي بها مواطنيها من مناطق الاضطرابات والاحتراب، وتعيدهم إلى ديارهم سالمين، هذا فضلًا عن الاستفادة من خبرات الكوادر المصرية التي اكتسبوها من تواجدهم في الخارج.
وتابع قائلا "ومن يُمن الطالع أن احتفاءنا بمرور مائة عام على إعادة العمل بوزارة الخارجية في مصر عام 1922 يتواكب وإعلان السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي عن الجمهورية الجديدة التي تسطر صفحة جديدة في تاريخ مصر المُعاصر".
وأضاف شكري "ليس ميلاد الجمهورية الجديدة إيذانًا بمجرد تحول مكاني من قلب القاهرة إلى العاصمة الإدارية الجديدة فحسب، بل هو نتاج عمل دؤوب وشاق، وملحمة وطنية خالصة خاضها الشعب المصري، دافع فيها أولًا عن حقه في وطن لا تجثم عليه جماعاتٌ سعت إلى اختطافه سُدى، ثم تحمَّل ثانيًا مصاعبَ جمة في سبيل لملمة أوراق الوطن وترتيب بيته الداخلي، ثقةً في وعي قيادته السياسية وصدق نواياها في بناء دولته على أُسس قومية متينة".
وأوضح أن الجمهورية الجديدة تجني ثمار ذلك، وتبلور مقومات القوة الشاملة للدولة، وتعيد تعريف عناصرها الجوهرية مُوجِّهةً إياها لصالح تحقيق التنمية المستدامة ورفاهة المواطنين، عبر مسيرة وطنية ممتدة من الإنجازات الشاملة ـ يزهو بها كل مصري ومصرية ـ من أجل خلق مستقبل أفضل تستحقه الأجيال الناشئة، وتضمن حياةً كريمة لأبناء مصر أيًا ما كانوا.
وأكد شكري "إننا إذ نقف على أعتاب المئوية الثانية للدبلوماسية المصرية، نلحظ أن المشهد الدولي بات بالغ التعقيد في تفاعلاته، ويشهد تناميًا مُستمرًا في أدوار اللاعبين المؤثرين من غير الدول بصورتها التقليدية المعروفة، وما يستتبعه ذلك من تداعيات على هندسة التحركات الدولية بمنأى عن مفاهيمها الكلاسيكية".
ونوه إلى التأثيرات المُباشرة لذلك على الجبهات الداخلية للدولة، ويهمُّني هنا أن أشير إلى أن تلك التغيرات المتوالية التي تحيق بالساحة الدولية كانت شاخصة أمام متخذ القرار في مصر، إذ عملت عبر دبلوماسيتها وأجهزتها الوطنية المُختلفة على خلق مصفوفة تحركات متنوعة تهدف إلى احتواء تلك المؤثرات، والتحسب من تداعياتها السلبية، بما يصون ركائز الأمن القومي المصري، ويحفظ هوية الدولة المصرية.
كما عكفت وزارة الخارجية على المُتابعة اللصيقة لتلك التطورات في العالم، وإصقال إمكانيات دبلوماسييها وبناء قدرات الشباب منهم والاستثمار فيها من خلال التدريب المتواصل ضمانًا لاضطلاعهم بالتعامل الناجز والسريع مع مختلف المتغيرات بكافة مظاهرها، ووضع خطط التحرك إثر ذلك.
وهناك بالفعل حرص على انتقاء الكوادر الشبابية وتنميتها على النحو الذي يتسق مع رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار الجمهورية الجديدة، فضلًا عن تبني أساليب التحول الرقمي في العمل بحيث يواكب كل ما هو حديث في عالم اليوم.
وإيمانا من العالم بأهمية ودروها القيادي وتجسيدا لمكانة مصر إقليميا ودوليا، حرصت الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين والتي بدأت مطلع الشهر الجاري، على أن توجه الدعوة لمصر للمشاركة كضيف للرئاسة في كافة اجتماعات مجموعة العشرين خلال فترة رئاسة الهند للمجموعة، والتي تستمر لمدة عام.
وتعتزم مصر المشاركة النشطة والمؤثرة في مختلف اجتماعات "العشرين" من أجل تعزيز العمل الدولي المشترك، لاسيما وأن المجموعة تمثل ما يقرب من 80 بالمائة من الناتج الإجمالي العالمي و75 بالمائة من حجم التجارة العالمية و60 بالمائة من سكان العالم وهو ما يجعلها من أهم أطر اتخاذ القرار الاقتصادي على المستوى الدولي.
وفيما يعيش العالم هذه التغييرات المتلاحقة التي تنعكس تأثيرا وتأثرا بهيكل النظام الدولي الجديد فقد بات واضحا للقاصي والداني، مع إسدال عام 2022 أستاره، أن مصر بسياستها الخارجية الواعية والنزيهة رمانة الميزان، ومؤشر البوصلة التي ينظر إليها المجتمع الدولي لاستعادة الاستقرار والسلم والأمن.
سياسة مصر الخارجية.. رمانة الميزان ومؤشر بوصلة الاستقرار في العالم
مصر/وزارة الخارجية/تقرير/سياسة
You have unlimited quota for this service