قال الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبدالعزيز رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند" ورئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية إنه من المقلق حقاً أن الدول العربية تعد من أكثر مناطق العالم عرضةً و تضرراً من جراء التغير المناخي، ومن هنا علينا أن ندرك أن العمل المناخي الفعال أصبح التزاماً أخلاقياً مشتركاً من الجميع، وعلى الأطراف التنموية كافة، تحمل مسئولياتها، إذا أردنا بكل جدية ومسؤولية، الإبقاء على كوكبنا صالحاً للعيش المستدام لنا.
جاء ذلك في كلمته خلال فعاليات النسخة الأولى للمنتدى العربي للمناخ، تحت شعار "معًا لتعزيز إسهام المجتمع المدني في العمل المناخي والاستدامة" الاحد، بمشاركة وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، والأمين العام المساعد رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية السفيرة هيفاء أبو غزالة.
وأضاف الأمير عبدالعزيز بن طلال بن عبدالعزيز أن انعقاد هذا المنتدى يأتي قبل أسابيع قليلة من انطلاق أعمال مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 27)، المقرر عقده في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، في ظروف مناخية عالمية تشهد تغيرات تاريخية.
وأشار إلى أنه مع بدء تعافي العالم من جائحة كورونا اندلعت الأزمة الأوكرانية، مصحوبةً بجملةٍ من الأزمات الاقتصادية، خصوصًا في الطاقة و الغذاء، مضيفا أنه مع تصاعد هذه التحديات ما لبثت بعد ذلك الظواهر المناخية التي يصفها الخبراء بـ"المتطرفة" تنتقل إلى عدد من مناطق العالم، حيث عايشنا موجات الحر الشديد وحرائق الغابات في أوروبا والولايات المتحدة، ثم الفيضانات التي اجتاحت عدداً من الدول العربية والآسيوية، ونتيجة لكل ذلك اجتاحت موجات الجفاف أوروبا والولايات المتحدة والصين وبعض دولنا العربية، وهو ما ينذر بشتاء قادم شديد البرودة وفقًا لتقديرات العلماء.
وقال الأمير بن عبد العزيز إن ما يشهده العالم من ظواهر مناخية غير مسبوقة، ليست وليدة الصدفة، فمنذ أعوام وهذه الظواهر المتقلبة تنذر بما نشهده في وقتنا الراهن، حيث أصبحت تطال الجميع، وفي الوقت ذاته، لم تكن الجهود المبذولة كافية ولا تحقق المستهدفات المتمثلة بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تزامنا مع التوسع باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التكيف من خلال التحولات الاستباقية اللازمة بحيث نصبح أكثر مرونة وصموداً في مواجهة تداعيات تغير المناخ.
وأشار إلى تأخر العالم في الاستجابة للتغيرات المناخية، حيث كشف التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ "IPCC"، والذي يرصد آثار التغير المناخي على الناس والنظم البيئية، عن مؤشرات مفزعة منها: أن أكثر من 40% من سكان العالم يعيشون في أماكن وأوضاع "شديدة التأثر بتغير المناخ"، وأن شخصاً واحداً من كل ثلاثة أشخاص يتعرض للإجهاد الحراري القاتل، وأن ما يقرب من نصف سكان العالم يعانون من ندرة المياه الشديدة في فترات مختلفة من العام، كما أن تغير المناخ أدى إلى خفض نمو الإنتاجية الزراعية في الكثير من دول العالم.
وأوضح الأمير عبدالعزيز أن كل ذلك يشكل تهديدًا مباشراً لسبل العيش والأمن الغذائي العالمي، هذه المؤشرات المناخية الخطيرة لن تتوقف هنا، لكنها ستؤدي إلى تزايد وتيرة النزوح البشري، حيث بلغ متوسط أعداد النازحين بسبب الكوارث المناخية أكثر من 20 مليون شخص سنويا، وفقا لإحصاءات وتقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ومركز مراقبة النزوح الداخلي "IDMC".
وأشار إلى الجهود المبذولة للتعامل مع هذه التحديات، ومنها تخصيص جائزة الأمير طلال الدولية للتنمية فروعها الأربعة 2021 لموضوع التغير المناخي، حيث من المقرر تكريم الفائزين الأربعة أثناء انعقاد قمة المناخ (كوب 27)، بالإضافة إلى الجهود المصرية المبذولة في إطار التمهيد للقمة، والتي سيكون لها أثر مباشر على حث الدول المشاركة على العمل لإنقاذ كوكبنا، مضيفا أن جائزة الأمير طلال الدولية تعمل وفق منهجية علمية صارمة ورصينة أكسبتها لما يقارب 23 عامًا احترامًا دوليًا خصوصًا من الشركاء الدوليين في الأمم المتحدة، وأسهمت الجائزة البالغ قيمتها مليون دولار في تحفيز الابتكار والتنمية دوليًا بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بنسخة التجارب الفائزة المتميزة وتطبيقها في بلدان تحتاجها، وهو ما نأمله في ملف التغير المناخ.
من جانبها.. أكدت السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية أهمية انعقاد المنتدى العربي للمناخ باعتباره الأول من نوعه على المستوى العربي؛ لبحث ظاهرة تأثير المناخ على المجتمعات في المنطقة العربية، وهي قضية ذات أولوية كبيرة توليها جامعة الدول العربية كل الاهتمام؛ لبحث تداعيات التغير المناخي على حياتهم وسط مؤشرات متزايدة بخصوص تأثير تغير المناخ وتلوث الهواء وبشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفا، وقد بدأ الوقت ينفَد سريعاً للقيام بما يلزم لمواجهة ذلك، فالأطفال- مثالاً- هم الفئة الأقل مسؤولية عن تغير المناخ، إلا أنهم يتحملون العبء الأكبر لتداعياته السلبية، وهذه هي المرة الأولى التي سينشأ فيها جيل من الأطفال في عالم أكثر خطورة، وذلك نتيجة لتغير المناخ والتدهور البيئي.
وأضافت "أننا كجهات معنية بقضايا التنمية الاجتماعية مازلنا ننتظر تحرّكاً جاداً من الحكومات يتماشى مع درجة التحدّي غير المسبوقة التي تواجه الجيل القادم مع دخول اتفاقية باريس للمناخ حيّز التنفيذ، حيث إنّ التغيّر المناخي سيهدّد حياة الملايين من الناس طيلة حياتهم ما لم تُتخذ تدابير للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقلّ من درجتين مئويتين تماشياً مع الالتزامات الدولية، ومع ارتفاع درجات الحرارة من الأكيد سنشهد تراجعاً في المحاصيل الأساسية للغذاء، ممّا سيؤدّي إلى ارتفاع الأسعار ويترك الفئات الأكثر ضعفا عرضة لسوء التغذية، الذي ينتج عنه تداعيات سلبية على صحة الطفل والمرأة.
وتابعت أبوغزالة : "أنه لابد من التذكير بما صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، بضرورة اتخاذ الخطوات العملية لتجنب أسوأ تأثيرات تغير المناخ من خلال تخفيض مستوى الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030 لتجنب الأسوء، وإذا لم نتجاوزها ستكون مكاسب الرفاه ومتوسّط العمر المتوقع مهددة، وسيقوم التغيّر المناخي بتحديد معالم صحّة جيلٍ بأكمله".
وأشارت إلى أن جميع التقارير الصادرة عن المنظمات والهيئات المعنية بقضايا المناخ على المستوى العالمي تقدم أدلة للعواقب الاقتصادية والصحية الناجمة عن ظاهرة اللجوء الجديدة التي سيشهدها العالم بسبب المتغيرات المناخية، فهي تشير إلى التغيرات الاجتماعية التي ستحدث في الدول وبشكل خاص التي ستستضيف اللاجئين، فضلا عن زيادة تفشي الأمراض المختلفة والأوبئة، التي ستتفاقم بسبب ازدحام اللاجئين في المخيمات والمعسكرات التي سيقيمون فيها، وتضاف إلى ذلك المشاكل الاقتصادية الناجمة عن البطالة والعمالة في صفوف اللاجئين.
وأعربت السفيرة هيفاء أبوغزالة عن ثقة الجامعة العربية الكبيرة في أن يوفر مؤتمر (كوب 27) الذي تستضيفه وتترأسه جمهورية مصر العربية فرصة لقادة العالم؛ لمناقشة فرص المضي قدمًا لتعزيز العمل المناخي، واستكشاف الفرص والتحديات المناخية، وعرض الحلول المناسبة لها، وهو ما سينعكس إيجابا على حياة الإنسان.
كما أشارت إلى ما صدر مؤخرا عن مجلس وزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في دورته الثانية والثلاثين لعام 2021، لمواجهة آثار التغير المناخي؛ بتكليف جامعة الدول العربية بإعداد وثيقة "الاستراتيجية العربية لتقييم احتياجات التمويل المناخي بالدول العربية وتسهيل الوصول إليه" لتكون منهجا استرشاديا لتقييم احتياجات الدول العربية في قضايا تمويل المناخ وتمكينها من الحصول عليه، كما تعمل جامعة الدول العربية على متابعة مقترح جمهورية مصر العربية بإنشاء اللجنة العربية العلمية لمتابعة التقدم المحرز حول قضايا المناخ.
ونوهت أبو غزالة إلى ما صدر عن مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في دورته 41 باعتماد أجندة التنمية للاستثمار في الطفولة في الوطن العربي ما بعد "2015-2030"، والتي أكدت في المحور المعني بالتصدي لتغير المناخ وآثاره على الأطفال تبني مخرجات تساهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة للحد من ارتفاع درجات الحرارة، وتعزيز التثقيف في مجال غير المناخ، وجعل الأطفال فاعلين في سياسات التخفيف والتكيف مع تغير المناخ، وذلك بالتعاون مع الآليات المعنية بالطفولة والمنظمات الإقليمية والدولية لوضع هذه المخرجات موضع التنفيذ.
ويناقش المنتدى على مدى يومين عدة محاور، من خلال جلسات عمل مختلفة؛ منها تغير المناخ في عالم متغير؛ تغير المناخ والاستدامة، وتغير المناخ وتأثيره على الفئات الأكثر عرضة للخطر، وتشجيع الابتكار لفائدة التكيف والتخفيف، وتغير المناخ والأنشطة الاقتصادية الهشة، ودمج المواطن والمجتمعات المحلية في العمل المناخي، ودور التغيير المنظومي في التحول الأخضر.
وينعقد المنتدى بتنظيم مشترك بين وزارة البيئة، وجامعة الدول العربية، وبرنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند"، والمجلس العربي للطفولة والتنمية، والشبكة العربية للمنظمات الأهلية، في إطار التحضيرات والفعاليات التي تنظمها مصر لاستضافة أعمال قمة المناخ (كوب 27).
رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية: العمل المناخي الفعال أصبح التزاماً أخلاقياً مشتركاً من الجميع
مصر/الجامعة العربية/مصر
You have unlimited quota for this service