القاهرة في 27 ديسمبر/أ ش أ/ تقرير/ شحاتة عوض..مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط
في خطوة تعكس التحول اللافت في جدول أولويات الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة ، والتي تبلورت عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عزمها تقليص وجودها العسكري في منطقة غرب افريقيا ، وصولا إلى سحب جميع القوات الأمريكية الموجودة في تلك المنطقة ، التي تشهد حاليا صعودا متزايدا لخطرالجماعات الارهابية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش والجماعات المتشددة الموالية له.
وأكدت مصادر "البنتاجون" أن انسحاب القوات الأمريكية من غرب أفريقيا ،هو خطوة اولى ضمن خطة إعادة نشر الآلاف من القوات الأمريكية في أنحاء أخرى من العالم، مشيرة إلى أن الأولوية حاليا ليست مواجهة الإرهاب ،بل التفرغ لمواجهة نفوذ الصين وروسيا.
ومن المنتظر أن تشمل عملية الانسحاب الأمريكية ، التخلي عن قاعدة طائرات دون طيارتم تأسيسها في النيجر قبل نحو عامين بتكلفة قدرت بنحو 110 ملايين دولار، كما تشمل أيضا إنهاء المساعدة المُقدمة للقوات الفرنسية، التي تحارب المسلحين المتطرفين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وكانت المهمة الرئيسية للقوات الأمريكية في منطقة غرب افريقيا، والتي قدرت بنحو الفي جندي ، هي القيام بتدريب ومساعدة قوات الأمن المحلية في دول المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب ونشاطات الجماعات المتطرفة مثل «بوكو حرام» وفروع تنظيمي «القاعدة» و«داعش» والتي شهدت صعودا لافتا في الفترة الأخيرة لاسيما بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا ، وفرار العديد من عناصرها إلى افريقيا .
وقد تباينت آراء المراقبين السياسين والمحللين الاستراتيجيين بشأن الإنسحاب الأمريكي من غرب أفريقيا وأسبابه ودلالاته وتداعياته. فقد ذهب البعض إلى وصف هذا القرار بأنه انقلاب في ثوابت الموقف الأمريكي من مسألة الحرب على الإرهاب في العالم عموما وفي أفريقيا بشكل خاص. في حين قلل البعض الآخر من تأثير هذه الخطوة، معتبرا أن الإنسحاب لن يؤثر بشكل كبيرعلى الوضع في غرب أفريقيا، لا سيما أن القوات الأمريكية لم يكن لها تأثير كبير هناك ، مقارنة بالدور الكبير والحيوي الذي تقوم به القوات الفرنسية في الحرب على الجماعات المتشددة في تلك المنطقة.
ورغم أن قرار الانسحاب الأمريكي من غرب افريقيا كان متوقعا ، في ضوء الوعود التي قطعها الرئيس دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية ،والتي أكد فيها أكثر من مرة أنه سيسحب القوات الأمريكية المنتشرة في كثير من مناطق العالم ،فإن هذه الخطوة وتوقيتها يطرحان الكثير من التساؤلات حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في أفريقيا ،وتأثير ذلك على الحرب الحالية على الجماعات الارهابية في غرب القارة ، وانعكاسات الانسحاب الأمريكي على العمليات العسكرية التي تقوم بها فرنسا في تلك المنطقة.
وتتناقض خطوة الانسحاب الأمريكي المرتقب من غرب افريقيا بشكل لافت مع تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مؤخرا ،وتحدث عن تصاعد القلق الأمريكي من تنامي خطرالجماعات المتطرفة في منطقة الساحل الغربي لأفريقيا ووصوله إلى مستوى غير مسبوق، ،خصوصا نشاطات تنظيم "داعش" ،وفي وقت تنفذ الجماعات المتطرفة هجمات قاتلة في دول المنطقة.فقد شهد العام الجاري2019 وحده 700 حادثة عنف، من بينها هجومٌ كبير مميت على قاعدة عسكرية في غرب النيجر في العاشر من شهر ديسمبر الجاري ، وأسفر عن مقتل أكثر من 70 جندياً من الجيش النيجري. وقبل هذا الهجوم ببضعة أيام،لقي 13 جندياً فرنسيا مصرعهم في اصطدام مروحيتين في مالي.
لمتابعة تقارير وتحليلات مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط ،يرجى الاشتراك في النشرة العامة للوكالة .
/ أ شأ /
الانسحاب العسكري الأمريكي المرتقب من غرب أفريقيا .. الأسباب والدلالات والتداعيات
مصر/الانسحاب العسكري الامريكي من غرب افريقيا/سياسي
You have unlimited quota for this service