• اليوم الدولي لمحو الأمية
    اليوم الدولي لمحو الأمية

القاهرة في 4 سبتمبر / أ ش أ / مجدي أحمد ... مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط

تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم " اليونسكو" في مقرها في باريس يوم الاثنين القادم فعاليات "اليوم الدولي لمحو الأمية"، وسوف تقيم بهذه المناسبة مؤتمراً دولياً وحفلاً رسمياً لتوزيع الجوائز الدولية لمحو الأمية، والتي سوف تمنح هذا العام لمشاريع من الجزائر وكولومبيا وإندونيسيا وإيطاليا والسنغال.
وخصصت الجائزة في نسختها لعام 2019 لتكريم الأعمال المتميزة في إطار الموضوع المختار لهذا العام وهو:" محو الأمية والتعددية اللغوية"، حيث يسلط الضوء على الرغم من التقدم المحرز ، فلا تزال تحديات محو الأمية موزعة بشكل غير متساو عبر البلدان والسكان. ويعد تبني التنوع اللغوي في تطوير التعليم ومحو الأمية أمراً أساسياً في مواجهة تحديات محو الأمية هذه وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ونظراً لكل التحديات التي فرضها عصر العولمة والرقمنة الذي نمر به على التعددية اللغوية، فإن قرابة 40 % من سكان العالم يفتقرون إلى التعليم باللغات التي يتحدثون بها أو يفهمونها. تمثّل هذه النسبة مشكلة خطيرة أمام الجهود التي تبذلها اليونسكو لمحو الأمية بلغة المتعلمين الأم باعتبارها الطريقة المثلى لاكتساب مهارات محو الأمية وتحسين نوعية التعلّم . وبينما تقود اليونسكو الاحتفال بالسنة الدولية للغات الشعوب الأصلية، فقد باتت الحاجة إلى إعادة النظر في محو الأمية أكثر إلحاحاً مما كانت عليه من قبل نظراً إلى أن 5 % فقط من 7000 لغة في العالم كانت موجودة على الإنترنت في عام 2016، و50 % من اللغات معرضة لخطر الاندثار.

وسوف تقدم جائزتا اليونسكو - الملك سيجونغ للتعليم والتدريب في مجال محو الأمية باللغة الأم، اللتان تحظيان برعاية جمهورية كوريا، لكل من :
* الاستراتيجية الوطنية لبرنامج محو الأمية المتعدد اللغات التابع للمكتب الوطني الجزائري: وذلك تكريماً للجهود التي يبذلها في سبيل محو الأمية لدى البالغين باستخدام اللغتين الوطنيتين: الأمازيغية والعربية. وكان المكتب الوطني لمحو الأمية وتعليم البالغين (ONAEA)قد أطلق هذا البرنامج متعدد اللغات في عام 2016 لدعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لعام 2008 لمحو الأمية ، بعد اعتماد الأمازيغية كلغة رسمية وطنية بالإضافة إلى اللغة العربية. وتتضمن الاستراتيجية دورة تدريبية لمحو الأمية لمدة 18 شهرا للبالغين باللغتين الرسميتين ، مع التأكيد على أهمية البدء بالتعلم بلغة أم لاكتساب لغات أخرى وتصبح متعلمة مدى الحياة.
ويصف "كامل خربوش" المدير العام لبرنامج ONAEA ،البرنامج بأنه نتيجة منطقية لعملية طويلة ، تجمع بين محو الأمية والسياسات اللغوية في البلاد. وأصبح بإمكان متحدثي اللغة الأمازيغية الآن الوصول إلى برامج محو الأمية بلغتهم الأم ، مما يسهل وصولهم إلى اللغة العربية ، في حين أن الناطقين باللغة العربية لديهم إمكانية تعلم اللغة الأمازيغية. من خلال برنامج لمحو الأمية بلغتين ، تهدف الحكومة إلى تحسين أهمية التعليم في الجزائر كمجتمع متعدد اللغات وتوسيع نطاق جهود محو الأمية إلى ما وراء المتحدثين باللغة العربية. وبالإضافة إلى الجانب المتعدد اللغات من البرنامج ، والذي يصل أيضا إلى بعض السكان الرحل ، فإن الاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية لها صدى عام بين سكان الريف وكذلك النساء ، الذين يشكلون حوالي 90 % من المشاركين.
وقد صمم البرنامج ليأخذ بعين الاعتبار صورة المتدربين وبيئاتهم المباشرة. يمكن للمتعلم الذي ينجح في اجتياز امتحان نهائي في نهاية الدورة متابعة مزيد من التعلم من خلال التعليم عن بعد والتدريب المهني في مؤسسة متخصصة وأنشطة مدرة للدخل.
* شركة صناعة ألياف المنسوجات في السنغال (SODEFITEX): وذلك تكريماً لجهودها في سبيل محو الأمية الوظيفية لدى المزارعين في جنوب السنغال وتزويدهم بالتدريب المهني. ويعد هذا المشروع قائماً على المجتمعات المحلية ويوفر فصول محو الأمية بثلاث لغات وطنية، إلى جانب دورات تدريبية لتنمية المهارات المتعلقة بالزراعة.

كما سوف تقدم جوائز اليونسكو كونفوشيوس الثلاث لمحو الأمية، التي تحظى بدعم حكومة جمهورية الصين الشعبية لتكريم البرامج التي تعود بالمنفعة على سكان الريف والشباب غير الملتحقين بالمدارس، ولا سيما الفتيات والنساء، لكل من :
* برنامج اوبراس اسكويلا ( Obras Escuela) التابع لمنظمة "كاماكول أنتيوكيا"، وهي منظمة مهنية كولومبية مختصة في قطاع البناء في منطقة أنتيوكيا، وذلك تكريماً للتعلم المرن الذي يقدنه هذا البرنامج في مجال محو الأمية باللغتين الإسبانية والإنجليزية للعاملين في مجال البناء سواء كانوا قد تلقوا تعليماً مسبقاً في هذا المجال أو لا.
* برنامج اللغة البالية ويكي ( BASAbali Wiki) التابع لمجموعة وكالة بالي الثقافية BASAbali# # الإندونيسية، وهي مبادرة قاموس ويكي متعدد وسائط مخصص للحفاظ على اللغات المحلية والنهوض بها إلى جانب اللغات المنطوق بها على الصعيدين الوطني والدولي، وذلك من خلال إشراك الناس في بالي وخارجها. واللغة البالية أو ببساطة بالي ، هي لغة الملايو البولينيزية التي يتحدث بها 3.3 مليون شخص (اعتبارا من عام 2000) في جزيرة بالي الاندونيسية وكذلك شمال نوسا بينيدا ، لومبوك الغربية وجاوة الشرقية. ومعظم المتحدثين البالية يعرفون الاندونيسية. واللغة البالية نفسها ليست مفهومة بشكل متبادل مع الإندونيسية ولكن قد يفهمها المتحدثون الجاويون بعد التعرض. وفي عام 2011 ، قدرت وكالة بالي الثقافية أن عدد الأشخاص الذين ما زالوا يستخدمون اللغة البالية في حياتهم اليومية في جزيرة بالي لا يتجاوز المليون ، كما هو الحال في المناطق الحضرية يقدم آباؤهم اللغة الإندونيسية أو حتى اللغة الإنجليزية فقط ، في حين أن المحادثات اليومية في المؤسسات ووسائل الإعلام قد اختفت. إن الشكل المكتوب للغة البالية غير مألوف بشكل متزايد ، ومعظم الناس في بالي يستخدمون اللغة البالية فقط كوسيلة للتواصل الشفهي ، وغالباً ما يخلطونها مع الإندونيسية في خطابهم اليومي. ولكن في مناطق الانتقال خارج جزيرة بالي ، تستخدم اللغة البالية على نطاق واسع ويعتقد أنها تلعب دوراً هاماً في بقاء اللغة.
* مبادرة أخبرنى ( TELL ME) – وهو اختصار لـ مسرح التعليم ومحو الأمية لدى المهاجرين في أوروبا، التابع للمنظمة الإيطالية غير الربحية ، (اللجنة الجديدة لجائزة نوبل لذوي الاحتياجات الخاصة). وتعمل المبادرة على تحسين مهارات محو الأمية لدى المهاجرين من خلال اتباع نهج تعليمي قائم على المسرح يستخدم أسلوب السرد القصصي بلغة الأم للمتعلمين قبل الانتقال تدريجياً إلى تعلم لغة البلدان المضيفة.
وقد أشارت " أودري أزولاي" المديرة العامة لليونسكو في هذا السياق، أن محو الأمية يمثل نقطة الانطلاق لأي شكل من أشكال التعليم الشامل والجيد، وإننا بحاجة إلى دعم وتوسيع نطاق عمل المبادرات العديدة التي تُعنى بمحو الأمية في جميع أنحاء العالم وتسعى لجعله حقاً واقعاً يتمتع به الجميع.
وكانت اليونسكو قد أعلنت يوم 8 سبتمبر يوماً دولياً لمحو الأمية (ILD) في عام 1966 لتذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية للأفراد والمجتمعات والمجتمعات ، والحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل مزيد من مجتمعات القراءة والكتابة.

وتشير تقارير اليونسكو إلي أن التنوع اللغوي يتعرض بشكل متزايد للتهديد مع ازدياد اندثار اللغات. وإن 40% من السكان حول العالم لا يحصلون على التعليم بلغة يتحدثونها أو يفهموها. ولكن، هناك تقدم ملموس في إطار التعليم متعدد اللغات القائم على اللغة الأم، وما يقترن به من فهم متزايد لما يمثله من أهمية، ولاسيما في المراحل المبكرة من التعليم، فضلاً عن تزايد الالتزام بتطويره في الحياة العامة. إن اللغات تشكل أساس وجود المجتمعات متعددة اللغات والثقافات، فهي الوسيلة التي تتيح صون ونشر الثقافات والمعارف التقليدية على نحو مستدام. وأن التنوع اللغوي وتعدد اللغات كجزء لا يتجزأ من التنمية المستدامة، ولاسيما لتحقيق الغايتين 4.6 و 4.7 من هدف التنمية المستدامة 4 المعني بالتعليم. فإن أهداف التنمية المستدامة تقوم على التنوع اللغوي وتعدد اللغات كإسهام حيوي في التعليم من أجل تحقيق المواطنة العالمية، إذ أن هذه الأهداف إنما تعزز العلاقات بين الثقافات وأفضل السبل للعيش معاً .

ويشير تقرير معهد اليونسكو للإحصاء لعام 2018، أنه علي الصعيد العالمي ، لا يزال 750 مليون شخص بالغ - ثلثاهم من النساء - يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية، و102 مليون شخص منهم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عام، في حين أن 250 مليون طفل يفشلون في اكتساب مهارات القراءة والكتابة الأساسية. وفي الوقت نفسه، هناك 192 مليون شخص يعانون من البطالة في العالم، ويعجز جزء كبير منهم عن إيجاد سبل عيش كريمة بسبب افتقارهم للمهارات الأساسية، ومنها مثلاً مهارات القراءة والكتابة، ناهيك عن عدم قدرتهم على اكتساب المهارات المطلوبة في سوق العمل.
وعند النظر في معرفة القراءة والكتابة عبر المناطق ، نعلم أن جنوب آسيا هي موطن لنحو نصف الأميين في العالم تقريبا. وبالإضافة إلى ذلك ، يعيش 27 % من جميع البالغين الأميين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، و 10 % في شرق وجنوب شرق آسيا ، و 9 % في شمال أفريقيا وغرب آسيا ، وحوالي 4 % في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. كما لا تزال توجد فجوات كبيرة بين الجنسين في معدلات إلمام البالغين بالقراءة والكتابة على حساب النساء في شمال إفريقيا وغرب آسيا وجنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

أ ش أ