• السبع
    السبع

شادية محمود
قمة الدول السبع ومحاولات فتح الطريق المسدود بين واشنطن وطهران

القاهرة فى ٢٦ أغسطس أ ش أ //٠٠٠٠٠ تقرير شادية محمود ( مركز دراسات وأبحاث الشرق الأوسط )
يعد وصول وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف الليلة الماضية بصورة مفاجئة لمدينة بياريتز الفرنسية ،حيث تعقد حاليا قمة الدول السبع الصناعية الكبرى ، مؤشرا على ميلاد بصيص من الأمل قد يفتح الطريق المسدود بين واشنطن وطهران فى إتجاه قد يفضى إلى تسوية ما فى الملف الإيرانى تحقق توازنا بين الاستراتيجية الإيرانية الرافضة للعقوبات المترتبة لخروج الولايات المتحدة الامريكية من الإتفاق ، وحرص الدول الأوروبية على استمراره ، وهو ما جعل العديد من المراقبين يعلقون آمالا كبيرة على الوساطة الفرنسية نظرا للتقارب والتنسيق بين فرنسا وإيران في المجال الاقتصادي، خاصة أن فرنسا إلى جانب ألمانيا كانت مهندسة الاتفاق النووي بين الغرب وطهران٠
ففى معرض سعيه لإنقاذ الإتفاق من الإنهيار ، عرض الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، مبادرة بشأن أزمة خروج الولايات المتحدة الأمريكية منه ، تهدف إلى فض التوتر بين واشنطن و طهران الذى تصاعد بشكل كبير منذ شهر مايو الماضى ، بعدما شددت الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على إيران ، وتتضمن المبادرة غير المعروفة إعلاميا تفاصيل كافية بشأن مضمونها نقطتين ، هما إما تخفيف العقوبات على إيران ، أو توفير "آلية تعويض " لتمكين الشعب الإيراني من العيش بشكل أفضل ، مقابل الإمتثال التام للاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة فى العام الماضي ٠
وعلى وقع تلك المبادرة حظى ملف الإتفاق النووى الإيرانى بحيز كبير فى مناقشات القمة التى استمرت على مدى ثلاث أيام وتختتم أعمالها فى وقت لاحق اليوم (الإثنين ) ، سواء على صعيد الجلسات المدرجة فى جدول عملها الرسمى ، أو فى اللقاءات الثنائية بين قادة دول المجموعة التى تضم أربعة أطراف من بين خمس دول تمسها تلك الإشكالية بشكل مباشر ( أمريكا وفرنسا والمانيا وبريطانيا ) ٠
واعتبرت اتجاهات عدة في طهران أن المبادرة الفرنسية ركزت على الحد الأدنى من الخطوات التي يمكن اتخاذها لوقف التصعيد الحالى ، حيث تسعى فرنسا إلى إيصال رسالة لإيران، مفادها أن أوروبا لن تقدم الكثير في حال لم تقدم طهران تنازلات ، وجاء ذلك في إطار ما يسمى "بـالوقف مقابل الوقف" ، بمعنى توقف واشنطن عن فرض مزيد من العقوبات خلال المرحلة المقبلة، مقابل توقف طهران عن اتخاذ مزيد من الخطوات الخاصة بتخفيض مستوى التزاماتها في الاتفاق النووي، مع العمل على تفعيل آلية "انستكس " لمواصلة التعاملات التجارية بين إيران والدول الأوروبية.
وعشية إنطلاق فاعليات القمة ، طرحت طهران عنصر ضغط جديد فى ترسانتها التفاوضية بإعلانها عن تدشين المنظومة الصاروخية الدفاعية محلية الصنع من طراز (بافر 373) بعيدة المدى ، وذلك على الرغم من إشارة المسئولين الإيرانيين إلى أن هناك شئ إيجابى يتم العمل عليه ، وأن هناك مقترحات على الطاولة فى إشارة إلى الجهود الفرنسية التى يتبنى مبادرتها ماكرون حيث أن كل المحاولات والتصعيد من جانب طهران ليس سوى محاولة ضغط جديدة على الأوروبيين من أجل العمل بوتيرة أسرع وأكبر لإنهاء هذه الأزمة التي طالت وبدأت تهدد بتداعيات كثيرة.
وفيما بات الموقف الأوروبي متقاربا مع الموقف الأمريكي فيما يتعلق بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي والتفاوض حول برنامجها الصاروخي وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط ، تراهن طهران على التباين الواضح بين واشنطن وحلفائها في الاتحاد الاوربي في المواقف حيال الازمة ، فالدول الأوربية لا سيما المانيا وفرنسا وبريطانيا ، ترفض الموقف الامريكي من الاتفاق النووي ، وتدعو الى ضرورة التمسك به ، وتسعى لايجاد مخرج دبلوماسي لها ، وفى الوقت ذاته تبحث الدول الموقعة على الإتفاق عن مخرج يحافظ على مصالحها ومصالح شركاتها التجارية في إيران ويجنبها الوقوع تحت سيف العقوبات الامريكية على طهران.
وخلال إجتماعات قمة مجموعة السبع الحالية ، استمر القادة الأوربيون فى الكفاح لتهدئة المواجهة المتواصلة بين الولايات المتحدة وإيران التى تتصاعد منذ إعلان الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق، والتى تتصاعد بشكل لافت في الآونة الأخيرة بزيادة فرض العقوبات الامريكية في ظل فشل وساطات سابقة من اليابان في التوصل لحل من شأنه نزع فتيل الأزمة بين إيران والمجتمع الدولي ومع إزدياد شعور الإيرانيين بتأثير “العقوبات الأميركية” على اقتصادها، تطالب “إيران”، القوى الأوروبية، التي وقعت الاتفاق معها ببذل المزيد من الجهد لحماية المكاسب المالية التي حققتها بعد توقيع الاتفاق ، وحاولت القوى الأوروبية تأسيس قناة تجارية لتمرير المواد الإنسانية والطبية مع “إيران”، لكنها لاتزال غير مفعلة، ولن تعوضها تلك القناة عن المليارات من عوائد “النفط” التي ستفقدها البلاد بعد العقوبات الأخيرة.
و تعتبر واشنطن نفسها في موقف قوة إزاء إيران، حيث أنها ليست مضطرة لتقديم تنازلات عبر الحوار فيما يتعلق بالعقوبات وتعتمد على سياسة حافة الهاوية والنفس الطويل ، فيما تشترط إيران 3 شروط لقبول عقد اتفاق مع الولايات المتحدة، تتمثل في عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي مرة أخرى، ووقف كل العقوبات التي صدرت تجاه إيران، بالإضافة إلى أن تدفع أمريكا كل الخسائر التي تكبدتها طهران جراء تلك العقوبات غير القانونية، ولكن الأخيرة لن توافق على مثل هذه الشروط وإن قدمت بعض التنازلات.
وتراهن على أن تجبر العقوبات الاقتصادية القاسية وغير المسبوقة ، طهران على الجلوس على مائدة التفاوض بشروط أمريكا، لا سيما وأن هذه العقوبات ، تكبد الاقتصاد الإيراني خسائر كبيرة وبصورة ربما لا تجعله قادرا على الصمود طويلا ، أو أن تعمل تلك العقوبات على تفجير إيران من الداخل ، حيث أكدت تقارير أن العقوبات الأمريكية أثرت على إيران رغم كل النفي المرافق لها ٠

أ ش أ