القاهرة في 18 يوليو/أ ش أ/ تحليل يكتبه: أحمد تركي، مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط
دخل ملف الأزمة النووية بين طهران وواشنطن مرحلة حرجة من تطوراته في خضم التجاذبات السياسية وتباعد المواقف الأمريكية والإيرانية وعدم قدرة الدول الأوروبية على الحسم، بعدما خلُص وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل مؤخراً، إلى استحالة الالتفاف على العقوبات الأمريكية، وبالتالي ضآلة في التجاوب مع ما تطلبه طهران.
ولذا يجد الأوروبيون أنفسهم بين المطرقة الأمريكية والسندان الإيراني، فهم من جهة غير قادرين على انتزاع تنازلات من إيران لتسويقها لدى واشنطن، وإقناعها بتجميد بعض عقوباتها، وفي المقابل فإنهم عاجزون عن دفع طهران للعودة إلى الالتزام ببنود الاتفاق، من غير مقابل تقبله طهران.
عملياً، يُراد من طهران أن تضع حداً لانتهاكاتها التصاعدية للاتفاق النووي وربما التراجع عن بعضها في مرحلة أولى مثل تخصيب اليورانيوم أو زيادة مخزونها منه. وبالمقابل، فإن المطلوب من واشنطن أن تجمد بعضاً من عقوباتها مثل السماح لإيران بتصدير كميات محددة من النفط مباشرة إلى بلدان كانت معفية حتى نوفمبر من العقوبات مثل الصين والهند، أو عبر الآلية المالية الأوروبية "إنستكس".
معضلة الموقف الأوروبي
تكمن معضلة الموقف الأوروبي في عدم قدرتها على إقناع واشنطن بتخفيف فرض العقوبات على إيران ولم تطور دول الاتحاد الأوروبي آلية محددة لتجاوز تلك العقوبات، وفي نفس الوقت عدم تقديم إيران أي تنازلات من شأنها تحفيز واشنطن على استمرار العمل بالاتفاق النووي، ومن هنا حذرت كل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 من انهيار الاتفاق، ودعت إلى وقف التصعيد والعودة إلى المفاوضات، ليرد الرئيس الإيراني حسن روحاني بتكرار شروط طهران السابقة للدخول في حوار مع واشنطن.
وقالت الدول الأوروبية الثلاث، في بيان مشترك: "نحن قلقون من خطر تقويض الاتفاق تحت ضغط العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، وبعد قرار إيران عدم تنفيذ كثير من البنود المحورية في الاتفاق"، وأكد البيان "انزعاج الدول الثلاث من الهجمات الأخيرة في منطقة الخليج وخارجها"، وشدد على أن "المخاطر تستدعي من كل أطراف (الاتفاق) التوقف للنظر في التداعيات المحتملة للإجراءات التي اتخذتها".
وثمة محددات تحكم مستقبل الاتفاق النووي خلال الفترة القليلة القادمة، الأول: قدرة الأوروبيين على تطوير الآلية المستقلة التي تسمح لهم بالتعامل التجاري مع إيران والتجاوز عن تأثير العقوبات المالية الأمريكية، الثاني: أن تقتنع إدارة الرئيس ترامب بأن وجود الصفقة التي تمنع إيران من مواصلة أنشطتها النووية أفضل من عدمه لأمن المنطقة والعالم، الثالث: حدود الموقف البريطاني تحديداً خاصة مع تولي رئيس وزراء جديد خلفاً لتيريزا ماي، وأن المرشح الجديد يميل إلى الموقف الأمريكي من أجل تسريع وتيرة التوصل لاتفاقية تجارة حرة بين واشنطن ولندن، أما المحدد الأخير وهو جدوى وفاعلية الوساطة الفرنسية التي يقوم بها الرئيس ماكرون.
لمتابعة تقارير وتحليلات "مركز أبحاث ودراسات أ ش أ" يرجى الاشتراك في النشرة العامة.
/أ ش أ/
بعد تأزم الملف النووي.... الموقف الأوروبي بين المطرقة الأمريكية والسندان الإيراني
مصر/عالمى/سياسي
You have unlimited quota for this service