• مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير الدكتور محمد حجازي
    مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير الدكتور محمد حجازي

قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير الدكتور محمد حجازي، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى بكين ومباحثاته مع الرئيس الصيني شي جينبينج تكتسب أهمية استثنائية؛ إذ تأتي في توقيت بالغ الخطورة بالنظر إلى التحديات والاضطرابات السياسية على الساحة الإقليمية والدولية وحاجة المنطقة إلى شريك قوي يدعم حقاً وبحيادية تحقيق السلام بالشرق الأوسط وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
وأضاف السفير حجازي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الأربعاء/، أن التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تستدعي تبادل وجهات النظر والتشاور بين الرئيسين اللذين يجمعهما علاقات استراتيجية ورغبة مشتركة في تحقيق الأمن والسلم والتهدئة الاقليمية والدولية بما يتيح إطلاق طاقات الشعوب.
وشدد على أن القيادة الصينية تمثل أحد ركائز الأمن والاستقرار على المستوى الدولي وذلك في وقت يعيش فيه العالم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الاسرائيلية الهمجية على السكان الفلسطينيين العزل من أهالي قطاع غزة ، تلك الحرب التي خلفت الالاف من الضحايا أغلبهم من النساء والأطفال ودمرت عمداً سبل وأدوات الحياة داخل القطاع ما أفضي لجريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان ، علاوة على ما تمثله من تهديد بتمدد الصراع بمنطقة الشرق الأوسط وجر أطراف اقليمية وجارة الي أتون صراع سيدفع العالم كلة ثمناً باهظا له وفي مقدمتها اسرائيل أمنياً وعسكرياً و اقتصادياً واستثمارياً وقانونياً وجنائياً.
ورأى حجازي أنه وسط تلك الأزمة فنحن بحاجة ماسة خلال المرحلة الحالية لحكمة القيادة الصينية وتشاورها مع قادة المنطقة للعمل المتعقل الجاد المشترك من أجل تعزيز فرص التوصل إلى تسوية تسمح بتهدئة الأوضاع في قطاع غزة ووقف القتال وتبادل الرهائن وإدخال شامل لكافة المساعدات الإنسانية عبر المعابر كافة، ثم البدء في إعادة إعمار يمكن للصين أن يكون لها فيها دور أساسي بالإضافة إلى إطلاق عملية سياسية تفضي إلى تحقيق حل الدولتين وفقاً لمسار محدد زمنياً وغير قابل للتغيير يحقق ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية.
وأشار إلى أنه بعد التوافق مع قادة الاتحاد الأوروبي، الذين بادر عدد من بلدانهم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، فقد كان لابد من الاستفادة بجدية والتزام وحيادية من الشريك الصيني للمشاركة في الدفع نحو إطلاق طاقات السلام في المنطقة.
وأكد أن زيارة الرئيس السيسي إلى بكين تظهر أيضاً المكانة التي تتمتع بها العلاقات المصرية الصينية، حيث خصت القيادة الصينية مصر وثلاث دول عربية أخرى (وهي الإمارات والبحرين وتونس) بزيارة ثنائية، على هامش مشاركتها في المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، الذي أسس عام 2004 في أروقة جامعة الدول العربية بالقاهرة، ما يعكس تميز وصلابة العلاقات.
وأبرز مساعد وزير الخارجية الأسبق أن حجم التجارة و الاستثمار بين الصين والعالم العربي وصل إلى ٣٠٠ مليار دولار علاوة على تجاوز أيضاً حجم الإستثمارات الصينية في مصر الـ 20 مليار دولار والتبادل التجاري نحو ١٥ مليار دولار ، ما يجعل الصين الشريك التجاري الأكبر لعالمنا العربي.
وسلط الضوء على أن الصين تعد من الأسواق الهامة والمساهمين الرئيسيين في عملية التنمية بمصر والبلدان العربية والعالم الثالث، منوهاً إلى أن الصين باتت من المؤكد وعبر "مبادرة الحزام والطريق" قادرة على تقديم بديل للعولمة الغربية الراهنة القائمة على الهيمنة و الاستغلال، لننتقل مع مبادرة الحزام والطريق للاندماج ووحدة الصف والمصير المشترك والربح للجميع، اي تأسيس عولمة جديدة أكثر إنسانية ورقي تعتمد على المصالح المتبادلة، وتستند إلى قواعد القانون الدولي، وتحقيق صالح الجميع.
وشدد على أهمية الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني الذي يشارك فيه الرئيس السيسي من أجل مصير واحد مشترك، موضحاً أن مصر وبقية البلدان العربية تسعى أيضاً من خلال مواقفها الثابتة في المحافل الدولية إلى تعزيز موقف الصين والالتزام بسياسة "الصين الواحدة".
وقال السفير محمد حجازي إن مصر كانت أول دولة عربية وأفريقية تعترف بالصين عام 1955 وحشدت بعد ذلك دعم قدرات الدول النامية ودول العالم الثالث، لتعزيز مكانة الصين الدولية إذ إنها دخلت بفضل هذا الدعم إلى منظمة الأمم المتحدة سبعينات القرن الماضي.
وجدد التأكيد على أننا الآن في أشد الحاجة للدور الصيني المعروف بمصداقيته والتزامه بقواعد القانون الدولي لخدمة أهداف الأمن والاستقرار في المنطقة خاصة بعد نجاح جهودها التي أسهمت في اعادة ايران والمملكة السعودية لعلاقاتهما.
ونبه إلى أهمية ترسيخ وتعزيز دور الصين بالمنطقة وخاصة بعد تواطؤ قوى غربية مع إسرائيل ما أسهم في اتساع جرائم إسرائيل في قطاع غزة وتجاهل الحق الفلسطيني في وطنه بل وحقه في الحياة بالأساس، ما أسهم في وصول الأوضاع إلى ما وصلت عليه الآن من مأساة في قطاع غزة، وصفها مساعد الأمين العام وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيثس ، بأنها "خيانة للإنسانية".
ولفت إلى الدفعة والانطلاقة التي شهدتها العلاقات المصرية الصينية ووصولها إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية، منوها ًبالعديد من المشروعات التي تقوم بها الصين في مصر وعلى رأسها الحي التجاري في العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة "تيدا الصينية" في شمال غرب خليج السويس، علاوة على تطوير الموانئ في إطار "مبادرة الحزام والطريق"، بجانب عضوية البلدين بمجموعة "البريكس".
واختتم السفير حجازي باقول إن أطر التعاون المشترك بين مصر والصين متعددة من خلال بنك الاستثمار الآسيوي ومجموعة شنغهاي ، وعملية التبادل التجاري بـ"اليوان الصيني"،بـ خط ائتماني قدره ٢،٥ مليار دولار ، ما يثبت المستوى الذي وصلت إليه العلاقات والمكاسب التي تحققت في شتى المجالات وتطورها استراتيجياً وأمنياً وعسكرياً و سياسياً واقتصاديا و وتنمويا واستثمارياً.