• الصحة العالمية
    الصحة العالمية


تقرير: أحمد تركي
أصبحت منظمة الصحة العالمية هي البطل الحقيقي الواقعي لقصة جائحة كورونا "كوفيد 19" المستجد، ولا تخلو التقارير في وسائل الإعلام العربية والعالمية من ذكر اسمها، باعتبارها إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة المنوط بها تعزيز الصحة على مستوى العالم، بهدف توحيد الجهود العالمية للتصدي لتفشي فيروس كورونا، إما من خلال طرق وأساليب المواجهة بالإجراءات الاحترازية والوقائية وإما من خلال جهود التوصل إلى مصل أو لقاح يمكن من خلال مواجهة تحدي الفيروس.
وقد أنهت المنظمة أمس /الثلاثاء/ اجتماعها السنوي المقرر في جنيف، بتأييد 116 دولة من 194 دولة عضوة بالمنظمة على مسودة القرار الأوروبي الذي يدعو إلى إجراء تقييم مستقل لأداء المنظمة تحت إشراف مديرها العام تيدروس أدهانوم جيبريسوس، والذي لم ينتظر حتي نهاية المفاوضات حول مشروع قرار أوروبي لعرضه على الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية (وهي هيئة صنع القرار بمنظمة الصحة) لإخضاع المنظمة لتقييم خارجي مستقل حول أدائها في إدارة أزمة "كوفيد - 19" كي يعلن موافقته على هذا القرار.
ويعلّق الأوروبيون، من جهتهم، آمالاً كبيرة على هذا القرار لنزع فتيل التوتّر الذي ساد المناخ الجيوسياسي الدولي في الأسابيع الأخيرة، بعد إطلاق الإدارة الأمريكية سهام الاتهام المباشر إلى الصين بشأن مسؤوليتها عن ظهور الوباء وعدم الكشف عنه في الوقت المناسب وانضمام بعض الدول النافذة الأخرى إلى قافلة المشكّكين بصدقية المعلومات الصينية عن الوباء.
تعد منظمة الصحة العالمية، إحدى الوكالات الرئيسية للأمم المتحدة ومقرها جنيف، منظمة متعددة الأطراف تأسست في عام 1948 من قبل الأمم المتحدة، وفق مبدأ أن الصحة حق من حقوق الإنسان، ويجب أن يتمتع الجميع بأعلى مستوى صحي ممكن، وتزامن تأسيسها مع التطور المذهل للمضادات الحيوية الحديثة واللقاحات التي غيرت مجرى حياة مليارات من البشر.
تضم المنظمة نحو 194 دولة عضواً، ويديرها منذ عام 2017 وزير خارجية إثيوبيا الأسبق تيدروس أدهانوم جيبريسوس، ويعمل في المنظمة ما يزيد على 7000 شخص من بلدان يتجاوز عددها 150 بلداً، وذلك في 150 مكتباً قطرياً وستة مكاتب إقليمية وفي المقرّ الرئيسي في جنيف بسويسرا.
ويشمل موظفو المنظمة، علاوة على الأطباء والأخصائيين في مجال الصحة العمومية والخبراء العلميين وأخصائيي الوبائيات، أخصائيين في إدارة النُظم الإدارية والمالية والإعلامية، فضلاً عن أخصائيين في ميادين الإحصاءات الصحية وعلوم الاقتصاد والإغاثة في حالات الطوارئ.
التمويل والمهام
وفقاً للنظام الأساسي المنشئ للمنظمة، يتم تمويل منظمة الصحة العالمية عبر مساهمات إلزامية من قبل الدول الأعضاء، التي تدفع بما يتناسب وثروتها والتبرعات، كما يساهم في تمويلها بشكل متزايد أفراد ومؤسسات خاصة.
وتبحث منظمة الصحة العالمية باستمرار عن التمويل، وتبلغ ميزانيتها المحددة لفترة عامين، 5.6 مليارات دولار لعامي 2018 و2019، أي ما يعادل 2.5 % من الإنفاق الصحي السنوي في فرنسا.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يتهم منظمة الصحة العالمية بأنها تخضع لهيمنة الصين، قد قرر أن يعلق مساهمة الولايات المتحدة في منتصف أبريل الماضي، وهي أول مانح للمنظمة بعد مؤسسة بيل وميليندا جيتس البالغة أكثر من 500 مليون دولار.
وتعمل منظمة الصحة العالمية على بلوغ أهدافها من خلال وظائفها الأساسية في تعزيز التعاون التقني، ومساعدة الحكومات على تعزيز الخدمات الصحية، بناءً على طلبها، والعمل كسلطة توجيه وتنسيق للعمل الصحي الدولي، وتشجيع وتنسيق البحوث المتعلقة بالخدمات الطبية الحيوية، والخدمات الصحية.
وتنظم المنظمة العديد من حملات الصحة العامة (الأمومة والنظافة والتلقيح والتدريب وتأمين الحصول على المياه والوقاية من الأمراض) لنشر تطوير النظم الصحية والتغطية الصحية الشاملة، وتجري حملات ميدانية، وتقدم المشورة لدول في سياستها الصحية، وتنسيق الاستجابة الصحية في حال انتشار الأوبئة.
وساهمت منظمة الصحة العالمية إلى حد كبير في القضاء على العديد من الأمراض التي أضرت وتواصل انتشارها في قارات معينة، وبعد أن نظمت حملة تلقيح واسعة، أعلنت منظمة الصحة العالمية قبل 40 عاماً وتحديداً في مايو 1980 ، أن جميع الناس خالون من الجدري، وهو مرض معد من أصل فيروسي يصيب الأطفال بشكل رئيسي.
وانتهي مرض شلل الأطفال والملاريا من القارة الأوروبية منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، كما أطلقت منظمة الصحة العالمية في ديسمبر 2003، بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة المعني بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) خطة طموحة لتوفير الأدوية المضادة للإيدز لملايين المرضى في العالم الثالث، خصوصاً في أفريقيا.
وتعد إدارة وباء (إيبولا) في غرب أفريقيا بين نهاية 2013 و2016، الذي أسفر عن وفاة أكثر من 11 ألفاً و300 شخص، أحد أوجه القصور لمنظمة الصحة العالمية، التي وجهت لها اتهامات بسوء تقدير حجم المرض.. حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية، حالة طوارئ صحية دولية في 8 أغسطس 2014، أي بعد نحو خمسة أشهر من ظهور الفيروس في غينيا، الأمر الذي اعتبرته منظمات غير حكومية متأخراً جداً، منها (أطباء بلا حدود) قبل بضع سنوات في عام 2009، اعتبر أن المنظمة شديدة القلق حيال فيروس "إتش 1 إن1".