الخديوي توفيق
كانَ توفيق الابن البكر للخديوي اسماعيل والأميرة شفق نور، وُلد في 15 نوفمبر 1852. نشأ في مصر وتلقى تعليمه فيها حيث كان توفيق الوحيد من بين أبناء الأسرة المالكة الذي لم يدرس خارج البلاد. ترأس توفيق أول وزارة له خلال عهد أبيه في مارس 1879، ولم تدم كثيراً حيث حُلّت بعد شهر ليتولى توفيق بعدها بشهرين حكم البلاد في 26 يونيو 1879 إثر خلع والده إسماعيل من الحكم وإجباره على ترك منصبه بتوصية من السلطان العثماني بعدما حاول إسماعيل اتخاذ قراراته باستقلالية بعيداً عن الباب العالي إضافة إلى محاولته التصدي للنفوذ الأجنبي وتوسع تدخل الأوروبيين في الشئون الداخلية للبلاد خاصة بعد إغراق البلاد في ديون أجنبية ضخمة. كانت أولى الإجراءات التي اتخذها توفيق بعد تسلمه الحكم هي إقصاء جميع رجال أبيه بعد جلوسه على العرش وإبعادهم عن مناصبهم. توفيق تعلم من درس إجبار والده إسماعيل على ترك الحكم له من جانب الإنجليز والفرنسيين فعمل منذ توليه الحكم على إرضاء الأجانب. ومع محاولات الخديوي توفيق لكسب مزيد من النفوذ عبر التقرب للأوروبيين قابله السلطان عبد الحميد الثاني بالتضييق عليه وعلى سلطاته، وقلص من المزايا التي كانت ممنوحة لأبيه الخديوي إسماعيل، ولكن القوتين العظمتين في ذلك الوقت إنجلترا وفرنسا أفشلتا محاولات السلطان عبد الحميد حتى لا يؤدي ذلك إلى تعطيل مخططاتهم في احتلال مصر. من صور تقرب توفيق للأجانب تم في عهده بيع حصة مصر من قناة السويس للإنجليز. كما نُفي في عهده جمال الدين الأفغاني الذي اعتبر رمزاً للمعارضة الشعبية في ذلك الوقت. كان الشعبُ غير راضٍ على الخديوي وجيشه ساخطٌ حيث انه لا يمتلك شخصيّة الحاكم القوي ولا الخبرة الكافية التي ستسمح له بتنظيم و إدارة شئون دولته ثم ازدادَ الاستياءُ في الجيش المصري وأُلقيَ اللوم على توفيق بسبب فشله في اتخاذ موقفٍ صارمٍ من المتمردين ولكنّه لم يكن حُرَّ التصرف بسبب علاقاته مع بريطانيا وفرنسا ولم يكن قادرًا على السيطرة على الأحداث. وبلغ عدم الرضا ذروته في الحركةِ المناهضةِ للأجانبِ التي ترأسها عرابي باشا الذي سيطر على قيادة الجيش كاملا فقامت ثورة "أحمد عرابي" عام 1881م حيث توجه عرابي في 9 سبتمبر من العام نفسه إلى قصر توفيق مطالبًا إياه بمطالب عدة في مقدمتها عزل رياض باشا رئيس الحكومة وتشكيل مجلس للنواب، وزيادة عدد الجيش إلى 18 ألف جندي. وافق الخديوي على بعض المطالب تحت ضغط القوة العسكرية للجيش، كان أبرزها إقالة رياض باشا، وتكليف "محمد شريف" باشا بتشكيل الوزارة، ولكن خلافًا نشب بينه وبين مجلس النواب أدى إلى استقالته من رئاسة الوزارة، وتولي محمود سامي البارودي منصبه بدلًا منه وعُيّن أحمد عرابي وزيرًا للحربية في هذه الوزارة. قام الإنجليز بتدبير أحداث مستفزة لاستثارة المصريين خاصة "عرابي" وزير الحربية في الوزارة الجديدة والذي قام بتقوية دفاعات الإسكندرية ما أدى إلى قصف ميناء الإسكندرية والمدينة من جانب إنجلترا وفرنسا وسقوط الكثير من الضحايا فيما عُرف بـ "مذبحة الإسكندرية"، التي راح ضحيتها نحو 250 مواطناً. بينما أعلن الخديوي عزل عرابي وكان نتيجة ذلك وقوع صدام مسلح مباشر بين الطرفين في معركة التل الكبير عام 1882م، كانت أهم نتائجها احتلال الإنجليز للبلاد. وفي عام 1884 سقطت الخرطوم في يد الثورة المهدية وقتل الحاكم المصري للسودان "تشارلز جورج جوردون" وفقدت مصر حكم السودان في عهد توفيق. من أهم إنجازات الخديوي توفيق إنشاء مدرسة القبة على نفقته الخاصة ومدرسة المعلمين العليا . أُنشئ في عهده مجلس شورى القوانين والجمعيةِ العموميّة ومجالس المديريات عام 1883 أصدر لائحة الموظفين المدنيين التي تُضمن لهم حقوقهم في المعاش وأردَفها بلائحتيّ المعاشاتِ الملكيّة والعسكرية. وأمر بإصلاحِ المساجد والأوقاف الخيريّة. أنشأ في فترة تولّيه الحكم العديدَ من الشركات والبنوك الأجنبية كبنك الأنجلو إجبسيان، وأنشأَ بنك الخصم والقطع الإيطالي 1887. تزوج في 1873 قريبته أمينة إلهامي و أنجبَا كلٍ من: عباس حلمي الثاني، محمد علي، نازي هانم، خديجة هانم ونعمة الله توفي في قصر حلوان بالقاهرة في 7 يناير 1892 الصورة من أرشيف أ ش أ اعداد/ مي مختار
- ذاكرة أ ش أ/حدث في مثل هذا اليوم