قيثارة الشرق نجاة الصغيرة
هي تلك الفتاة الصغيرة الخجولة،صاحبة الحنجرة الذهبية ، كان صوتها يسلب العقول ويخلق حالة من السحر والدهشة. في مثل هذا اليوم 11 أغسطس من عام 1938 ولدت نجاة محمد حسني البابا في القاهرة لأب سوري كان يعمل خطاطًا و يهوي الموسيقي وأم مصرية ، ولدت في أسرة فنية بالفطرة، فشقيقتها هي الفنانة الرائعة سعاد حسنى وشقيقها الفنان عازف الكمان عز الدين حسنى الذي كان يعمل في فرقة أم كلثوم . وقد ساعدها المناخ الفني الذى كان سائدا داخل الأسرة على تنمية موهبتها الغنائية فقد كان بيت اسرتها ملتقى للفنانين والصحفيين وعرف بيت والدها باسم ‘ بيت الفنانين‘. ظهرت الموهبة الفنية للفنانة نجاة الصغيرة منذ طفولتها عندما اكتشف والدها موهبتها وعذوبة صوتها فشجعها على الغناء، وأخذ يتردّد بها على المسارح ومتعهدي الحفلات ثم قدمها للمرة الأولى في حفل وزارة المعارف عام 1944م، ولم يكن عمرها تجاوز بعد السنوات الست. أطلق عليها الكاتب الصحفي فكري أباظة لقب ‘الصغيرة‘ ، وذلك عندما كتب عنها في بداية حياتها، وقال: "إنها نجاة الفتاة الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية حتى يشتد عودها " كما جاء إسم ‘ الصغيرة ‘ من أجل تمييزها عن الفنانة الكبيرة نجاة على التى كانت واسعة الشهرة في تلك الفترة . حينما بلغت نجاة سن التاسعة عشر، كلف والدها شقيقها الأكبر عزالدين ليدربها على حفظ أغاني السيدة "أم كلثوم" لتؤديها فيما بعد. غنت لعدد من أبرز ملحني مصر، أمثال سيد مكاوي، حلمي بكر، بليغ حمدي، ، ومحمد الموجي. ومن أبرز اغانيها: أيظن و شكل تاني ولا تكذبي" و ،و كل شيء راح ، و ماذا أقول ، و أسألك الرحيل ، و أنا بعشق البحر ، و عيون القلب ، و أما غريبة . إلا أن تعاونها مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، يعتبر المحطة الأبرز في مشوارها الغنائي، ومن شدة إعجاب الفنان الكبير بصوت نجاة، أسند إليها غناء عدد من الأغاني التي سجلها بصوته، كما تشارك معها في غناء قصيدة "لا تكذبي". وهو من أطلق عليها لقب ‘ قيثارة الشرق ‘ . وحاولت نجاة الصغيرة تطوير تجربتها والانفتاح على أنماط جديدة فخاضت تجربة الغناء للشاعر السوري الكبير نزار قباني الذي غنت له الكثير من القصائد وأبدعت في أدائها مثل ” ماذا أقول له لو جاء يسألني و متى ستعرف كم اهواك و أسألك الرحيل . عرفت نجاة بجديتها وانضباطها الذي يصل الى حد الوسوسة في العمل كما يقول المقربون منها . قدمت أول أدوارها السينمائية في فيلم "هدية" عام 1947 للمخرج محمود ذو الفقار، لتنطلق بعد ذلك في عالم السينما، ومن أبرز أعمالها "الشموع السوداء"، و"سبعة أيام في الجنة"، و"شاطئ المرح"، و"ابنتي العزيزة". شهدت المسيرة الفنية لنجاة الصغيرة، الكثير من محطات التكريم، حيث تم تكريمها في تونس مرة من الرئيس الحبيب بورقيبة ومرة أخرى من الرئيس زين العابدين بن علي، كما أهداها الملك حسين بالأردن عام 1985م وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، إضافة إلى وسام من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في الستينات. تزوجت نجاة مرتين. كان زواجها الأول في سن مبكرة، تحديدًا في عام 1955، عندما كانت بعمر السادسة عشر سنة من كمال منسي الذي كان صديقا لشقيقها ثم انفصلت عنه عام 1960 بعد أن أنجبت ابنها الوحيد وليد . ثم تزوجت مرة أخرى في عام 1967 من المخرج حسام الدين مصطفي إلا أنّها انفصلت عنه بعد مدة قصيرة، ولم تتزوّج منذ ذلك الحين،ثم اتّخذت قرارًا بتكريس حياتها لتربية طفلها الوحيد "وليد" ، وإلى التفرغ لعملها. "اطمئن" كانت آخر الأغنيات التي قدمتها نجاة، من ألحان صلاح الشرنوبي، قبل إعلان قرار اعتزالها للفن عام 2003. في بداية عام 2017، قررت نجاة الصغيرة العودة إلى الساحة الفنية من خلال أغنية "كل الكلام" من كلمات عبد الرحمن الأبنوديو . بالرغم من حالتها الصحية الغير مستقرة، إلا أنها أصرت على المشاركة في احتفالات قناة السويس الجديدة، من خلال إعادة تسجيل أغنية "حلوة يا بلدنا.. جينا في ميعادنا" عام 2015. وبعد مشوار حافل بمئات الأغاني الجميلة التي تعاملت فيها مع كبار الملحنين والمؤلفين، امتلكت نجاة الصغيرة القدرة الكبيرة علي دخول قلوب العالم العربي كلة بصوتها الساحر واداءها المميز . الصور نقل . إعداد / ريم زايد.
- ذاكرة أ ش أ/حدث في مثل هذا اليوم